نبذة تعريفية عن الجبال وطريقة تكوينها
1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
طريقة تكوين الجبال الجبال علوم الأرض والجيولوجيا
الجبل ما عَلا من سطح البَر واستطال وجاوز التلَّ ارتفاعا.
وليست هناك حدود دقيقةٌ بين التل والجبل من حيثُ الارتفاع، لكن جَرت العادة ألا يُسمَّى المرتفع جبلا إلا إذا تجاوز ارتفاعُه مئاتٍ قليلة من الأمتار.
وكلمة «جبل» في اللغة فيها معنى الثَّبات والشموخ والصَّلابةِ، فيقال: إن فلاناً جبل، أي هو ثابت يصمُد للحوادث. لكن هل يَنطبق هذا على الجبال التي في الطبيعة من الناحية العِلمية؟
نحن نعرف من قراءتنا لمادتَيْ «تَجْوية» و«تعرية» كيف تُفتِّت القُوى الطبيعية الصخور، وكيف تَكتسح الجداول والأنهار حُطام هذه الصخور وفُتاتِها لتَنقله إلى قِيقان البحار وتَفْرشها به.
والذي يجب أن نعرفه الآن عَمل هذه القُوَى وتأثيرَها الهَدْميّ في المرتفعات أشدُّ منه في السهول والبطاح.
ولما كان الزمن الجيولوجي طويلا جِدا يقدَّر بآلاف الملايين من السنين، فإننا نستطيع أن نتصور نتيجة عَمَل هذه القُوَى على مرتفعات الأرض وتأثيرها فيها إذا لم يَعُقْها شيء عن عملها طوال هذه الدهور. إنها لا بد أن تترك سطح الأرض في نهاية الأمر مُنْبسطا تماما.
ولكن هل هذا ما نراه الآن؟.. الجواب: لا، فنحن نشاهد اليوم سطح الأرض مَليئا بالجبال الشامخة التي تصل ارتفاعاتها إلى نحو عشرةِ كيلومترات كما في قمة إفرِسْت بجبال الهيمالايا بشمال الهند! إذَن، ما الذي أبقَى هذه الجبال حتى الآن؟.
الجواب: إن الأرض ما زال لديها رصيد أو مَخزون هائل من الطاقة في باطنها وفوق سطحها.
وكلما تلاشت من سطحها جبال قديمة (بِفِعْل عوامل الهَدمِ السطحية)ظهرت جبال أخرى جديدة(بفعلقُوى البناء الباطنية) لتَخْلُفَها في أماكنَ أخرى، وهلمّ جرا.
وليس من عجب إذن أن نرى الآن بقايا الجبالِ القديمة في الأرض كجبال الأبالاش بأمريكا الشمالية مُطمئنة على هيئة هضاب تكاد تكون مستوية.
في حين أننا نرى الجبال الحديثة العمْر كجبال الألب في أوروبا، والتي لم تَنَلْ منها عوامل التَّعرية والهدم مثل ما نالت من الجبال القديمة، ما زالت شامخة وعلى هيئة سلاسل مترامية الامتداد.
والآن. كيف تتَولد الجبال الجديدة؟ إن أبسط طريقة هي بتراكم المواد الصخرية فوق سطح الأرض، ومثالُها الواضح الجبال ذاتُ الأصل البُركاني.
فعندما يثور بركانٌ ما، فإنه يبني حول فَوَّهته مخروطا ضخما من طبقات الرماد والجَمْر البركاني والكُسارة الصخرية، وربما تبادلت معها سطائحُ من الحِمم والَّلابة أيضا.
ومن أمثلة الجبال العظمى البركانية الأصل، جبل شُعيب في غرب صنعاء عاصمةِ اليمن (ارتفاعه 4250 مترا)، وجبل فوجْياما باليابان، وجبل فيزوف بالقرب من نابولي بإيطاليا.
وهناك طريقة أخرى لنشوء الجبال غيرَ هذه الطريقة التراكمية، وتلك هي الطريقةُ التي تتكوَّن بها مُعظم الجبال، الأكبر أهمية، وبخاصة ما يُسمَّى بسلاسل الجبال.
تَنشأ هذه الجبال من تحرُّكات القشرة الأرضية إلى أعلى أو إلى أسفل بفعل الطاقة المخزونة في باطن الأرض. ويؤدي ذلك إلى ما يسمَّى بطيِّ الطبقات، ومن ثَم فمِثْل هذه الجبال يسمَّى جبال الطيِّ.
ولكي نعرفَ كيف تنشأ جبال الطي نتصور كتلة بَرِّية كبرى، راسخة، قارَّةً مثلا.
وأمام القارة سطح منحدر يكُون منخفضاً على هيئة الحَوْض تغطيه المياه، ذلك هو البحر. وبتعرض صخور القارة إلى عوامل التعرية والحَتِّ تبدأ الأنهار في اكتساح الحُطام الصخري الناتج ونقله إلى البحر.
ومع استمرار ذلك يتغطَّى قاع البحر تدريجيا برواسبَ من الحجر الرمليّ والطيني، وأيضاً من الحجر الجيري المستَمَدِّ أساسا من الأصداف وهياكل الأحياء البحرية.
وتزداد هذه الرواسب سُمكا بمرور الزمن، فتنشأ من ذلك سَطحية كبرى من رواسب جديدة طريَّة قابلة للانثناء، فتَضغط هذه السطيحة على ما تحتها فيغوص ويتقَعَّر، وتغوص معه السطيحة وتتقعر أيضاً.
ومع تزايد سُمْك هذه السطيحة واستمرار هبوطها تأتي مرحلة تتعدد فيها ثنياتها أو طياتها بفعل الضغوط الواقعة عليها، ليس فقط من أسفل ومن أعلى ولكنْ من الجوانب أيضاً حتى تَظهرَ الصخور المطوية من سطح الماء.
وقد تؤدِّي هذه القُوى في الوقت نفسِه إلى تصدُّع صخور السطيحة. ومن أشهر أمثلة جبال الطي سلسلة جبال الألب بأوروبا، وجبال أطلَس في المغرب العربي.
وهناك طريقة ثالثة تَنشأ بها الجبال. فقد نرى جبالا عالية ولكنها ليست مُكوَّنة من طبقات مطوية ومُصدَّعة، بل من صخور مُتبلورة غير طباقية مثل الجرانيت والديوريت فكيف نشأت هذه الجبال؟
نحن نعرف أن باطن الأرض مُكون من صخور في حالة منصهرة، وأحيانا تندفع هذ الصخور المنصهرة، أو ما نسميه «صُهارة»، في داخل القشرة الأرضية فترفعها إلى أعلَى، وتُذيب أجزاء كبيرةً منها.
وقد تقترب هذه الصهارة كثيرا من السطح وتتجمد تحته على هيئة صخور مكَوَّنةً من بَلّورات، وتسمى هذه الصخور بالصخور النارية. تعمل بعد ذلك عوامل الحَتِّ
والتعرية في الصخور السطحية فتكشف الصهارة المتجمدة أو الصخورَ النارية. ومثل هذ الجبال المكوَّنة من صخور ناريةٍ متبلورة كالجرانيت والدَّيوريت يكثر وجودها في مصرَ بمنطقةِ أسوان وجنوبِ شبه جزيرة سيناء.
وأشهر سلاسل الجبال في العالم: جبالُ هيمالايا في شمال الهند، وجبال الألب في أوروبا، وجبال أطلس في المغرب العربي بشمال غرب إفريقيا، وجبال روكي بغرب أمريكا الشمالية، وجبال الأنديز بغرب أمريكا الجنوبية، وجبال الحاجز العظيم بشرق أستراليا.
وتُعَدُّ الجبال معالمَ أرضية ذاتَ أهمية كبيرة بسبب ارتفاعها ووعورتها، فهي تشكل حواجز طبيعية في وَجه النقل والهجرة، ومن ثَم فهي أحياناً تكُون حدودا بين الأمم.
وهي كذلك تشكل حواجز في وجه التحركات الجوية ومن ثم لها تأثير قوي على أحوال المناخ في العالم، فمثلا نجد الجوانب المتضادة لسلاسل الجبال لها مناخات مختلفة تماما في العادة.
فجبال الألْب وجبال الهيمالايا التي تمتد من الشرق إلى الغرب تحمي منطقتَيْ البحر المتوسط والهند على الترتيب من الهواء البارد الذي يَهُب من المناطق القطبية الشمالية والذي تتعرض له روسيا وسَيْبيريا.
لهذا فإن إيطاليا والهند تتمتعان بمناخ شِتوي أقل برودة من مناطق بأمريكا الشمالية تقع على خط العرض نفسه، لأن هذه المناطق ليس لها جبال عالية ذاتُ امتداد شرقي غربي تمنع هواءَ كَنَدا الشديدَ البرودة من التحرّك نحو الجنوب.
وتتميز الجبال عن السهول، بصعود نَسيم من الوادي الدافئ في أسفل الجبل إلى أعاليه نهارا.
والعكس ليلا، فبعدما تغرب الشمس، يهبط على مُنحدرات الجبل هواء بارد، زاحفٌ نحو الوادي فيسبب برودَته، كما يسبب تكوُّنَ الضباب فيه.
وعنصر الحرارة يؤثر في إنشاء بيئات متنوعة، على ارتفاعات مختلفة في المناطق الجبلية.
فالحرارة تتناقص كلما ارتفعنا، بمعدل تقريبي مقداره درجة (مئوية) واحدة كلما ارتفعنا 150 مترا. ولهذا السبب يتناقص نُموُّ النبات كلما ارتفعنا نحو قمم الجبال.
وتتمثل كل أنواع المناخ في الجبال الشاهقة الارتفاع بالنِّطاق الإستوائي، بداية من المناخ المرتفع الحرارة عند أسفلها إلى المناخ البارد جدا عند قِممها.
وهناك حَد له صلة وثيقة بالحرارة، اسمه «خط الثلج الدائم» وهو يمثل حدود المساحة المغطاة بالثلج أو الجليد الدائم.
ويبلغ ارتفاع هذا الخط أقصاه عند دائرة الاستواء، على مستوى 5500 متر تقريبا. ويتناقص مستوى ارتفاعِه كلما ابتعدنا عن دائرة الاستواء، حيث الحرارةِ العظمى، واقترابنا من القطبيْن حيث الحرارةِ الصغرى.
وتبقى بعد ذلك الأهمية الاقتصادية للجبال، فهي بجانب أهميتها كبيئة مناسبة لزراعات وثروات حيوانية معينة، تضم بين طيات صخورِها رواسبَ وتجمعاتٍ هائلة من خامات المعادن الاقتصادية النافعة للإنسان.
والجبال مهمة أيضا من الناحية السياحية، ففيها يُمكِن ممارسة رياضة تَسلُّق الجبال، ورياضة التزلج على الجليد، وصيد الحيوانات البرية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]