نبذة تعريفية عن النبي يُونس “عليه السلام”
2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
النبي يونس عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
وُلِدَ يُونْسُ عَلَيْهِ السَّلامُ في قريةِ «نِيْنَوَى» بناحيةِ الموصلِ عاصمةِ الدَّولةِ الآشوريةِ، زمنَ ملوكِ الطَّوائفِ من الفُرس لأبٍ اسمُهُ «متّى» وقد نَسَبَهُ النبيُّ – صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – إلى أبيهِ كما في صحيحِ البُخاريِّ.
وبهذهِ القريةِ نشأ وكانَ أهلُها يعبدونَ الأصْنامَ، وقد رَزَقَهمْ اللّهُ مُلكاً واسِعاً وثراءً عريضاً وبَدلاً من أن يَشْكرُوا اللهَ أَشْركُوا بهِ وعادُوا في الضّلالِ، وارتكابِ المَعَاصي.
أمّا هو فقد حَفظهُ اللهُ، فَنَشَأَ على التَّوحيدِ، وعبادةِ اللهِ، ثم اختارَهُ ربُّه، واجتباهُ ليكونَ نبياً رسولاً إلى أهلِ هذه القريةِ
فدَعاهمْ إلى الإيمانِ باللهِ وَحدَهُ، والتَّوبةِ عن السَّيِّئاتِ، لكنَّهم أصرُّوا على ما هُمْ عليهِ، ولمْ يستجيبُوا لدعوتِهِ، فأوعدَهم بنزولِ العذابِ، وخرجَ من بينِ أظهرِهم مغاضباً لهم، دونَ إذنٍ من ربِّه، ظانّاً أنهُ أدَّى ما عليهِ نحوَهم، وأَنَّ اللهَ لن يُؤاخِذَهُ على ذلكَ.
وعندَ ساحلِ البحرِ رأى سفينةً على أَهْبةِ السَّفرِ، فاستأذنَ أهلَها وركبَ معهم، وفي عَرْضِ البحرِ أرسلَ اللهُ ريحاً عاصفاً جعلت الأمواجَ تضطرِبُ
وتهدِّدُ السفينةَ بالغرق، ففزعَ الملاحونَ وركابُ السفينةِ قائلين: فينا صاحبُ ذئب، وتشاوروا أن يقترعوا فيما بينهم، فمن وقعت عليه القرعةَ ألقوهُ في البحرِ، ووقعت القرعةَ عدَّةَ مراتٍ على يونسَ – عليه السلام – فلم يكن بدٌّ من إلقائهِ في البحرِ.
فبعثَ اللهُ عزَّ وجلَّ حوتاً عظيماً التقطَهُ من غيرِ أن يصيبهُ بأذى فنادى ربهُ وهو في هذه الظلماتِ، مقراً بذنبه فقال تعالى(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (الأنبياء: 87).
ولبّى اللهُ دعاءَهُ، وقَبِلَ توبَتَهُ، فألْهَمَ الحوتَ أن يطرحَهُ في أرضٍ قَفراءَ، وأنبتَ له شجرةً وارفةَ الظِّلالِ من أشجارِ اليقطين – القرع – تقيهِ حرارَةَ الشمسِ، إلى ان يستردَّ عافيتَهُ، ثم أَمَرَهُ اللهُ أن يعودَ إلى قومِهِ الذينَ فارَقَهُم – وكانوا مائةَ ألفٍ أو يزيدون، فوجدَهُم قد آمنوا بما كانَ يدعوهم إليه.
وسببُ ذلكَ أنهُ بعدَ خروجِهِ رأوا بعضَ علاماتِ العذابِ الذي كانَ يتهدَّدَهُم به، فآمنوا، كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ(فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ) (يونس:98).
وقد سجَّلَ القرآنُ قصَّةَ سيدنا يونس عليه السلام في أكثر من موضعٍ، منه قوله سبحانه(وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) ۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ) (الصافات:139-148).
وقال أيضاً – ملقباً إيّاهُ ذا النون – أي: صاحب الحوت، قال تعالى( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) ۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء: 78-88).
وقال سبحانه مخاطباً نبيَّهُ محمداً – صلى الله عليه وسلم قال تعالى(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (القلم:48 -50).
هذا وقد وردَ ذِكْرُ يونسَ في كتبِ أهلِ الكتابِ، فسُميَ في العهدِ القديم: يونان بن أمتاي – وله سِفْرٌ خاصٌّ مُؤَلَّفٌ من أربعةِ إصحاحاتٍ تبينُ دعوتَهُ إلى أهلٍ نينَوى من الموصِل، ووقوعَهُ في البحر، وابتلاعَ الحوتِ إياهُ، واستظلالَهُ باليقطين.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]