نبذة تعريفية عن “ثعبانُ السَّمك”

1995 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

ثعبان السمك الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

ثعبانُ السَّمك سمكة عظْمية تشبه الثُّعبان، تقضي معظمَ حياتها في المياه العذبة، وتفضِّل المناطق الطينية الغنية بالحشائش.

لونُها بني أو زيتونيّ مُصفَرّ، وجسمُها أسطواني مستطيل، ويبلغ طولها أحياناً 60 سنتيمتراً أو أكثر، وجلدها أملس لَزِجْ تغطيه قشور دقيقة.

وللسمكة زعنِفَتان صدريتَان خلف الرأس مباشرة، وزعْنِفة وسطية طويلة تمتد على الظهر خلف الرَأسَ، وتحيط بالذيل، وتنتهي عند منتصف البطن.

 

وتتحرك السمكة في الماء حركة تموُّجية تشبه حركة الثعبان، كما تتحرك على الأرض بالطريقة نفسها.

والسمكة شَرِهة تتغذى على الديدان وبَيْض الأسماك وصغَارِها، وصغار الطيور المائية. ولذلك فهي من أسهل الأسماك التي يمكن صيدها بشِص (سنارة) مزود بالطُّعم.

وتبدأ ثعابين السمك حياتها كيرقات صغيرة في المحيط الأطلسي، تدفعها تيارات الماء نحو مصبات الأنهار.

 

وبعد 6 – 8 سنوات تقضيها في الأنهار، تسبح عائدة إلى مَصَابِّ الأنهار، ويتغير لونها إلى اللون الفضِّي وتكبر عيناها، وتتوقف السمكة عن الغذاء.

ويضْمر جهازها الهضمي ثم تختفي تماماً في البحر. وإذا أمكن منعها من الوصول إلى البحر يمكنها أن تعيش حوالي 30 عاماً.

وقد ظلت حياة ثعبان السمك يَكْتَنِفُها الغموض، وحَيَّرت الكثيرين من الفلاسفة والعَلماء منذ زمن طويل.

فقد اعتقد الفيلسوف اليوناني أَرِسْطو أنها تَنشأ من الطين، ثم ذكر العالم الطبيعي الروماني «بلَيْني» أنها تتكون من شعر الخيل الذي يسقط مصادفة في المياه العذبة.

 

وفي عام 1896 استطاع عالمان إيطاليان الحصول على بعض اليرقات البحرية وتربيتها في أحواض مائية، واكتشفا أنها تنمو إلى ثعابين سمك صغيرة. ثم قام العالم الدانمركي «شميدت» بعدة رحلات في شمال الأطلنطي، جمع خلالها اليرقات البحرية، ولاحظ أن حجمها يَصغُر كلما سار نحو الغرب.

وحصل على أصغر هذه اليرقات من المياه السطحية في منطقة«بحر سرجاسو» على بعد حوالي ألف كيلو متر جنوب شرق برمودا، وهي منطقة مياه عميقة شديدة البرودة تتميز بالدوَّامات.

 

وقد ثَبَت أن ثعابين السمك الأوروبية البالغة تهاجر إلى هذه المنطقة (بحر سَرْجَاسُّو) لوضْع البيض، وأن اليرقات تتحرك مع تيارات المحيط نحو الشرق في رحلة تستغرق ثلاث سنوات تنمو أثناءها ببطء.

وتصل الأسماك الصغيرة إلى الشواطئ الغربية لأوروبا، وتعبُر مضيقَ جبل طارق إلى شواطئ البحر المتوسط، وتكون قد وصلت في طولها نحو 5 سم، وتسبح بقوة نحو المياه العذبة، وتدخل الأنهار عند مصابِّها.

 

وتسبح الملايين منها إلى أعالي الأنهار، وتغزو الجداول والقنوات الصغيرة والمستنقعات الطينية الغنية بالحشائش.

وهلاك الملايين منها في رحلتها الطويلة، وصيد ملايين أخرى في فروع الأنهار لا يهددها بالفناء، حيث تستطيع الأنثى الواحدة أن تضع عشرة ملايين بيضة.

 

وقد اتضح كذلك أن ثعابين السمك الأمريكية تهاجر أيضاً إلى منطقة بحر سَرْجَاسُّو نفسها، ولكنَّ يرقاتِها تتجه غرباً نحو أمريكا مَوْطِنِ آبائها، في حين تتجه يرقات ثعابين السَمكَ الأوروبية شرقاً.

وتُعَدُّ هجرة ثعابين السمك بين مناطق معيشتها ومناطق توالدها من أغرب الرحلات التي تُحير العلماء حتى الآن.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]