نبذة تعريفية عن خصائص سمك القرش

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

خصائص سمك القرش سمك القرش الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

تَنْتَمِي القُروشُ إلَى الأَسْماكِ الغُضْروفِيَّةِ ويَنْتشِرُ في بِحارِ العالَمِ نحوُ أَرْبَعِمِئَةِ نوعٍ من القروشِ. وهي تتبايَنُ في سُلوكِها وأَحْجامِها وطُرُقِ تَكاثُرِها.

فأكْبَرُها القِرشُ الحُوتُ يتجاوَزُ طولُهُ 15 متراً (وهو أكبَرُ الأَسْماكِ الحيَّةِ علَى الإطلاقِ).

أمَّا أصْغَرُها فنوعٌ مِنْ «كَلْبِ السَّمَكِ» يتراوَحُ طولُه عِنْدَ النُّضْجِ بينَ 15 و 20 سنتيمتراً.

 

وتوجدُ القُروشُ في جميعِ بحارِ ومُحيطاتِ العالَم، وفي كلِّ الأعماقِ، ماعدا المناطِقَ القطبيَّةَ، ولكنَّها تكونُ أكثرَ وَفرةً في المياهِ الدَّافِئَةِ الاسْتِوائِيَّةِ. وقليلٌ منها يقطنُ بُحيراتِ المياهِ العَذْبَةِ والأنْهارَ، وبعضُ أنواعِها يهاجِرُ بانتِظامٍ مِنَ المياهِ المالِحَةِ إلَى العَذْبَةِ.

والقُروشُ حيواناتٌ رشيقةٌ وسبَّاحةٌ ماهِرَةٌ، نظراً لانْسيابِ أَجْسامِها. وهي تَسبحُ بِتَلَوِّي أَجسامِها، وتَحريكِ زعانِفها الذَّيليَّةِ الكبيرَةِ من جنبٍ إلَى جنبٍ.

ومِمَّا يساعِدُها على الطَّفْوِ في الماءِ كِبَرُ حَجْمِ أَكبادِها الّتي تَختزِنُ كميَّاتٍ كبيرةَ مِنَ الزَّيْتِ مُنْخَفِضِ الكثَافَةِ. وقَدْ يَنْدفع القِرشُ في الماءٍ وراءَ إحْدَى فرائِسِه بِسُرْعَةٍ تَصِل إلَى 46 كيلومتراً في السَّاعَةِ.

 

ومُعظمُ القُروشِ الّتي تعيشُ في المحيطاتِ مُضْظَرٌّ للسِّباحَةِ باستمرارٍ، وذَلِكَ حتَّى يدخلَ الماءُ الحاملُ للأكسيجين من أَفْواهِها وهي مندفِعَةٌ إلَى الأمامِ، ثمَّ يمرَّ علَى خياشيمِها كيْ تتنفَّسَ. أمَّا الأَسماكُ الأُخْرَى فتستطيعُ أن تضخَّ الماءَ إلَى خياشيمِها حتَّى إذا لم تكن مُتَحرِّكَةً.

وتتميَّزُ القروشُ بفمٍ واسِعٍ علَى السَّطْحِ البَطنيِّ، مزوَّدٍ بصُفوفٍ من أسنانٍ قويَّةٍ تَتَآكل وتَتَجَدَّدُ باسْتِمرارٍ.

ولمعظمِ القروشِ خَمْسَةُ أزواجِ من الفُتحاتِ الخَيْشوميَّةِ علَى جانِبَيْ الرَّأْسِ. ولِبَعْضِ القروشِ سِتَّةُ أو سَبْعَةُ أزواجٍ من هذه الفُتحاتِ.

 

وللقِرْشِ زوجانِ من الزَّعانِفِ المُزْدَوِجَة: الصَّدرِيَّةِ والحَوْضِيَّةِ، وثَلاثُ زعانِفَ مُنْفَرِدَةٍ: اثنتانِ ظهريّتان وثالثةٌ بطنيَّةٌ. أمَّا الزَّعْنِفَةُ الذَّيْليَّةُ فتتميزُ غالباً بِكِبَرِ فَصِّها العُلْوِيِّ.

ومُعْظَمُ القُروشِ من آكلاتِ اللُّحومِ، وهي منَ المُفْتَرِساتِ الشَّرِسَةِ الّتي تتغَذَّى بِغَيرِها من الحيواناتِ كالأَسماكِ والدلافينِ والفُقْمِ والحَبَّارِ والأُخْطبوطاتِ، بلْ حتَّى الحيتانِ التي يُهاجِمُها القرشُ الأبيضُ العظيمُ. 

ولكنَّ العجيبَ أنَّ أضخم القروشِ، وهما القِرشُ الحوتُ والقرشُ المُتَشَمِّسُ، يتغذيان علَى العوالِقِ والأَسْماكِ الصَّغيرَةِ، وأسنانُهما صغيرَةٌ. وهي تسبحُ في الماء ببطءٍ فاغرةً أْفواهَها، وهذا يتيحُ لِكَمِّيَّاتٍ هائِلَةٍ من الماءِ الدخولَ إلَى الغُرف الخيشومِيَّةِ الّتي تَعْمَلُ كمِصْفَاةٍ لهذه العوالِقِ.

 

وعادَةً تسبحُ القروشُ فُرادَى ،ولكن بعضَ أنواعِها قَدْ يَتَجَمَّع في أسرابٍ، وبخاصَّةٍ عندَ هِجْرَتَها مِنَ الشَّمالِ إلى الجنوبِ أو مِنَ الشَّرْقِ إلَى الغَرْبِ. وقَدْ تكونُ الهِجْرَةُ رَأْسِيَّةً أحيانًا، أيْ من سَطْحِ الماءِ إلَى الأعماقِ البارِدَةِ.

وحاسَّةُ الشَّمَّ عندَ القروشِ حادَّةُ بِشَكْلٍ اسْتِثْنائِيَّ، حتَّى إِنَّهُ يُمْكِنُها أَنْ تّشُمَّ عُصَارَةَ لَحْمِ فَرائِسِها حتَّى لو أضيفَتْ بضع قطراتٍ منها في حمَّام سباحةٍ كبيرٍ ، أو أن تشمَّ رائِحَةَ الدَّمِ من بُعدِ نِصْفِ كيلومترٍ.

وجهازُ الخطَ الجانِبِيَّ ذو حَساسِيَّةٍ كبيرةٍ للتّرَدُّدَات المُنْخَفِضَةِ فتستطيعُ أنْ تُحِسَّ بتحرُّكاتِ فرائِسها من بُعد. ولكن حاسَّةَ البَصَرِ ليسَتْ قوِيَّةً عندَ معظمِ القروشِ ، وهي لا تعتمدُ علَى عينيْها إلاَّ في هَجْمَتها الأخيرَةِ علَى فَريستِها عندَما تقترب منها .

 

وطُرُقُ التَّكاثُرِ عندَ القروشِ متنوَّعةٌ، فمِنها ما يضعُ بَيْضًا تُغَلَّفَّهُ مَحْفَظَةٌ جِلْدِيَّةٌ سميكةٌ مُزَوَّدَةٌ بمحاليقِ لِتُثَبَّتَها في الصُّخورِ أو النباتاتِ.

وبعضُ القروشِ يَضَعُ بيضًا يَنْمو داخِلَ قَناةِ المِبْيَضِ، ولِذَلِكَ هي تَلِدُ صِغارَها حيَّةً، وتوصفُ بأنَّها «بيوضٌ ولودٌ ». بل إنَّ هناكِ أنواعًا أُخْرَى تنمو أجِنَّتها داخل قناتِها المِبْيضِيَّةِ وتَتَغَذَّى من خلالِ دمِ الأُّمَّ.

وتَتَحمَّلُ القروشُ ضُغوطًا عالِيَةً، فيمكنُها أَنْ تتجوَّلَ من سَطْحِ الماءِ حتَّى عُمْقِ 370 مترًا ؛ ويعيشُ نحوُ نِصْفِ أعدادِ القُروشِ في أعماقٍ تتجاوَزُ 180 مترًا.

وقَدْ سُجَّلَتْ أنواعٌ مِنَ القروشِ علَى عمقٍ يناهِزُ 2500 مترًا . بل إنَّ هناكَ قروشًا تعيشُ في الأعماقِ عِنْدَ قَعْرِ البَحْرِ، وتِلْكَ تَتَمَيَّزُ بِزَعانِفِها الصَّدْرِيَّةِ الكبيرَةِ.

 

ومُجرَّدُ ذِكْرِ القُروشِ يثيرُ الرُّعْبَ عندَ النَّاسِ ، ولكنَّ الواقِعَ أنَّ القروشَ لا تَتَّخِذُ الإنْسانَ من فرائِسها المعتادةِ. وكثيرٌ ممَّا يُذْكَرُ عن هجومِ القروشِ علَى البَشَرِ يَعُدَّ من الحوادِثِ العارِضَةِ.

وقَدْ يهاجِمُ القرشُ الإنسانَ خَطَأً ظانًّا أنَّه من فرائِسِه من الثديَّياتِ البحرِيَّةِ ثمَّ يَتْركُهُ، لأنَّ القروشَ يبدو أنها لا تستسيغُ لحمَ البَشَرِ.

ولكن عَضَّةَ القِرْشِ القَوِيَّةَ قَدْ تسَبَّبُ له نَزْفًا مُميتًا أو أذىَّ بالِغًا . وأَخْطَرُ القروشِ الّتي تهاجمُ الإنسانَ: القرشُ الأبيضُ العظيم، والقِرْشُ النَّمِرُ، والقِرْشُ أَبو مِطْرَقَةٍ، والقرشُ الثَّوْرُ. وقَدْ تهاجمُ القروشُ القواربَ مُنْجَذِبة إلَيْها بالمجالاتِ الكهرَبائِيَّةِ المُتَوَلَّدَةِ من محرَّكاتِها.

 

والقُروشُ علَى قِمَّةِ كثيرٍ من السَّلاسِلِ الغذائِيَّةِ وهي تُنَظَّفُ البيئةَ البَحرِيَّةَ من الحيواناتِ الجريحةِ أو المَيَّتَةِ. ويُقْتَلُ عَدَدٌ كبيرٌ من القروشِ سَنَوِيًّا لِلْحصولِ علَى زعانِفِها الّتي يُصْنَعُ منها حِساءٌ يُعْتقدُ أنه يكسبُ الإنسانَ الحيويَّةَ والنَّشاطَ.

كذلِكَ تؤكلُ لحومُ بَعْضِ أنواعِ القروشِ في كثيرٍ منْ بلادِ العالَمِ، مثل اليابانِ وإنجلْترا وألْمانْيا وغيرِها، وقَدْ تباعُ تحتَ أسماءِ أسماكٍ أُخْرَى.

كذلِكَ تُسْتَخْرَجُ كَمَّيَّاتٌ هائِلَةٌ من الزَّيْتِ من كّبِدِ القِرْشِ ويُطْلَقُ عَلَيْه اسم زيت كَبِدِ القُدَّ (الكُدّ) وهو غنيٌّ بفيتامين «أ». كما يُستخدمُ جِلْدُ القِرْشِ، وهو من أَجْوَدِ وأَمْتَنِ أنواعِ الجلودِ. 

 

في كثيرٍ من الصَّناعاتِ الجِلْدِيَّةِ وتَجْليدِ الكُتُبِ. كذلِكَ يُسْتَخْدمُ جِلْد الحوتِ الأَزْرَقِ للتَّلْميعِ والصَّقْلِ والجِلاءِ. وهذا كلُّه أدًّى إلَى تناقُصٍ كبيرٍ في أعدادِ كثيرٍ من أَنواعِها ، حتَّى أصبحَتْ مُهَدَّدَةً بالانْقراضِ.

وتَتَمَيَّزُ القروشُ بِجِهازِ مَناعِيَّ قَوِيَّ حتَّى إنَّها من أَقَلَّ الحيواناتِ إصابَةً بالطُّفَيْلِيَّاتِ والأَمْراضِ ، وهي لا تُصابُ بتاتًا بالسَّرطانِ.

وهذا قَدْ جَذَبَ العلماءَ لِدراسَةِ هذه الخاصَّيَّة بِهَدَفِ الاسْتِفادَةِ منها في إِنْقاذِ البَشَرِيَّةِ من هذا المَرَضِ العُضالِ. وهذا قَدْ حَدَا بكثيرٍ مِنَ الدُّوَلِ لِسَنَّ القوانينِ لِحِمَايَتِها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]