نبذة تعريفية عن خصائص كوكب “عطارد”
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
كوكب عطارد خصائص عطارد علم الفلك
الكَوْكَبُ عُطارِدٌ هو أَحَدُ الكواكِبِ التِّسْعَةِ في مجموعتِنا الشَّمْسِيَّةِ، وأَقْرَبُها إلَى الشَّمْسِ.
وأَوَّلُ مَعْرِفَةٍ جَيِّدَةٍ لهذا الكوكَبِ كانَتْ منْ خلالِ الصُّوَرِ الّتي سَجَّلَتْها لَهُ سَفينَةُ الفَضاءِ «ماريَنَرْ -10» عِنْدَما مَرَّتْ بجانِبِهِ (علَى بُعد 800 كيلومترٍ) فـي العامَيْن 1974 و 1975.
وقـد أَوْضَحَـتْ هـذهِ الصُّـوَرُ الفضائِيَّةُ الّتي أُرْسِلَتْ بالرَّادْيو إلَى الأَرْضِ أنَّ هناكَ تشابُهًا كبيرًا بَيْن عُطارِدٍ والقَمَرِ.
والواقعُ أنَّ عُطارِدًا، مثلَ القَمَرِ، يَمْتَصُّ مُعْظَمَ ضَوْءِ الشَّمْسِ الواقِعِ عَلَيْه عاكِسًا فَقَطْ نحو 6% لِلْفَضاءِ الخارِجِيِّ. وهذهِ صِفَةُ الأَجْرامِ الصَّخْرِيَّةِ الّتي تَفْتَقِرُ إلَى وُجودِ غِلافٍ جَوِّيٍّ.
ولَدَى عُطارِدٍ مَناطِقُ مُرْتَفِعَةً ذَواتُ فُوَّهاتٍ كثيفَةٍ مثل القَمَرِ، ومناطقُ ذاتُ تضاريسَ مُمَهَّدَةٍ تشبهُ مُنْخَفَضاتِ القَمَرِ.
كذلِكَ يحتوي عُطارِدٌ علَى وَاجهاتٍ جَبَلِيَّةٍ طويلَةٍ جدًّا عَبْرَ السُّهولِ والفُوَّهاتِ. ويَعْتَقِدُ بعضُ العلماءِ أنَّ هذهِ الواجهاتِ الجبلِيَّةَ قد تَكَوَّنَتْ نتيجةً لانْكِماشٍ في طولِ القِشْـرَةِ الكَوْكَبِيَّةِ حيثُ إنَّهُ برُدَ وتَقَلَّصَ.
علَى أنَّ ما يثيرُ الاهتِمامَ في كوكبِ عُطارِدٍ بِصورةٍ خاصَّةٍ، لَيْسَ كونَهُ بِلا هواءٍ، ولا كوْنَ سطحِهِ مشابِهًا لِقَمَرِ الأَرْضِ، بَلْ كونُهُ متفرِّدًا بين بَقِيَّةِ كواكِبِ المجموعَةِ الشَّمْسِيَّةِ بِتَرْكيبٍ خاصٍّ.
فإذا ما اسْتَثْنَيْنَا تأثيراتِ الجَاذِبِيَّةِ الّتي تَضْغَطُ وتُكَثِّفُ الكواكِبَ الكبيرةَ أَكْثَرَ مِمَّا تَفْعَلُ بالكواكِبِ الصَّغيرَةِ، فإنَّ عُطارِدًا يُعَدُّ أَكْثَفَ كواكبِ المجموعَةِ الشَّمْسِيَّةِ بالرَّغْمِ من حَجْمِهِ الصَّغيرِ.
ويَعْتَقِدُ العلماءُ أَنَّه يَتَأَلَّفُ في 60 – 70 بالمِئةِ مِنْه من الحَديدِ الّذي يَتَرَكَّزُ أَكثرُهُ في قَلْبٍ هائِلٍ الحجمِ يَشْغَلُ نَحْوَ ثلاثَةِ أرباعِ حَجْمِ الكَوْكَبِ الّذي قُطْرُهُ حوالَيْ 4880 كيلومترًا.
أمَّا الصُّخورُ فمحصورةٌ في قِشْـرَةٍ خارجِيَّةٍ رقيقَةٍ نِسْبِيًّا. وهَذَا يَعْني أَنَّ عُطارِدًا يحتوِي علَى لُبٍّ حَديديٍّ رُبَّما كان أكبرَ مِنْ لُبِّ الأَرْضِ.
وكَوْكَبُ عُطارِدٍ أَسْرَعُ الكواكِبِ حَرَكَةً حَوْلَ الشَّمْسِ، وتَبْلُغُ كثافَتُهُ في المُتَوَسِّطِ 5.1 جرام لكلِّ سنتيمترٍ مكَعَّبٍ (مُقارَنَةً بِكَثافَةِ مادَّةِ الأَرْضِ التي يبلُغُ مُتَوَسِّطِها حوالَيْ 5.52 جرام لكلِّ سنتيمترٍ مكَعَّبٍ، وتبلُغُ كُتْلَةُ عُطارِدٍ 0.05 فَقَطْ من كُتْلَةِ الأَرْضِ.
ويدورُ عُطارِدٌ دَوْرَةً كامِلَةً حَوْلَ الشَّمْسِ في 88 يومًا أَرْضيًّا. وظَلَّ الاعتقادُ سائِدًا لِمُدَّةٍ طويلَةٍ أَنَّهُ يُواجِهُ الشَّمْسَ بِوَجْهٍ واحِدٍ، لكنَّ الأَرْصادَ الحديثةَ أَوْضَحَتْ أنَّه يدورُ حَوْلَ مِحْوَرِه مَرَّةً كلَّ 59 يومًا أَرْضِيًّا تقريبًا.
وهذا يَعْني أن يومَ عُطارِدٍ يَبْلُغُ نَحْوَ ثُلُثَيْ سَنَتِهِ، ففي كلِّ دَوْرَةٍ حَوْلَ مِحوَرِهِ يَسْتَقْبِلُ جميعُ سَطْحِهِ أَشِعَّةَ الشَّمْسِ، أيْ لا يَظَلُّ أيُّ وَجْهٍ مِنْه في ظلامٍ دائِمٍ.
ونظرًا لقُرْبِ عُطارِدٍ من الشَّمْسِ، كانَتْ مشاهَدُتُه ورَصْدُه بِواسِطَةِ المِنْظارِ الأَرْضِيِّ بالِغَةَ الصُّعوبَةِ. وقَدْ قِيسَتْ دَرَجَةُ حرارَةِ سَطْحِهِ ليلاً ونَهارًا بِعدَّةِ طُرُقِ، ودَلَّتْ القياساتُ علَى أنَّ دَرَجَةَ حرارَةِ الجانِبِ المُضاءِ بالشَّمْسِ عِنْدَ مُنْتَصَفِ النَّهارِ تَبْلُغُ 430°س.
أمَّا قياساتُ دَرَجَةِ حرارَةِ الجانِبِ المُظْلِمِ من الكوكَبِ ليلاً فَقَدْ بَيَّنَتْ انْخِفاضًا يصِلُ إلَى 173°س تَحْتَ الصِّفْرِ المِئَوِيِّ.
وتُعْتَبَرُ فروقُ دَرَجاتِ الحرارَةِ علَى عُطارِدٍ أَكبرَ مِنها علَى أيِّ كوكبٍ آخَرَ، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ فُرَصَ الحياةِ عَلَيْهِ بالصورةِ التي نَعْرِفُها علَى الأَرْضِ، تُعَدُّ مَعْدومَةً.
ويَسْتَخْدِمُ العلماءُ حالِيًّا نَماذِجَ محاكاةٍ حَاسوبِيَّةٍ لِدِراسَةِ احْتِمالاتِ تشكيلِ كَوْكَبِ عُطارِدٍ وغيرِهِ من الكواكِبِ الدَّاخِليَّةِ للمجموعَةِ الشَّمْسِيَّةِ والمَعْروفَةِ باسمِ «الكَواكِبِ الأَرْضِيَّةِ» (وهي: عُطارِدٌ والزُّهْرَةُ والأَرْضُ والمِرِّيخُ).
ورُبَّما يُساعِدُ الحصولُ علَى إِحْدَى صخورِ عُطارِدٍ مُسْتَقْبَلاً في تَرْجيحِ صحَّةِ إحْدَى الفَرضِيَّاتِ المُحْتَمَلَةِ لِتَكْوينِهِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]