نبذة تعريفية عن سيدنا هارون”عليه السلام”
2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
سيدنا هارون عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
هَارونُ هوَ الأَخُ الأَكْبَرُ لموسَى عَلَيْهِما السَّلامُ. وكِلاهُما رَسولٌ كَريمٌ، اصْطَفاهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ وارْتَضاهُ.
وأَخْبارُ هارونَ مُلازِمَةٌ لأخبارِ مُوسى، وقدْ مَرَّ بنا في المَدْخَلِ «موسى» أنَّ فرعونَ كانَ يَقْتُلُ المواليدَ الذُّكور مِنْ بَني إسْرائيلَ عاماً، ويَسْتحيِيْهِمْ عاماً، فَمِنَ المُحْتَمَلِ أَنْ يَكونَ هارونُ وُلِدَ في عامٍ لا قَتْلَ فيهِ للمواليدِ الذُّكورِ، أو يَكونَ قَدْ وُلِدَ قَبْلَ صُدورِ هذا الأَمْرِ الفرعَوْنِيٍّ.
ولا نَعْلَمُ شَيئاً عَنْ حَياةِ هارونَ مُنْذُ وِلادَتِهِ، وأوَّلُ أخبارِهِ تبرزُ إليْنا في القُرآنِ الكريمِ عِنْدَما اختارَ اللهُ مُوسَى لنبوَّتِهِ.
وقالَ لَهُ: اذهبْ إلى فرعونَ إنَّهُ طَغَى، فَناجَى مُوسَى رَبَّهُ ضارِعاً داعِياً: يا رَبّ، إنَّكَ تعلمُ أنَّني قَتَلْتُ مِنَ المِصريينَ رَجُلاً، فأنا أخافُ أن يسارِعوا إلى قَتْلي عِنْدَما يَرونَني، وإنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ في لِساني عُقْدَةً، وأنَّ أخي هارونَ هو أفْصَحُ منّي لِساناً، فَأَرْسِلْهُ معي وزيراً يُعينُني ويدعُو معي.
فَأَجابَ اللهُ دْعاءَ مُوسى، وخاطَبَهُ هوَ وهارونَ بقولِهِ( اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ (45) قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ) (طه:43- 46)
ومعَ ما رآهُ فرعونُ من مُعْجزاتٍ عَرَضَها عليهِ مُوسى، كذَّبَ واستكْبَرَ. وكانتِ المُباراةُ العامَّةُ أمامَ الجماهيرِ في يَومِ عيدٍ بينَ سَحَرَةِ فِرْعَونَ، ومُوسى وهارونَ، وغُلِبَ السَّحَرَةُ وانْكَسَروا، وقالُوا: آمَنَّا بربِّ هارونَ ومُوسى.
وبعدَ نَجاةِ بَني إسرائيلَ وخُروجِهم من مِصْرَ، كانَ هارونُ هوَ الوزيرَ والمُعينَ لموسى في قِيادَةِ بَني إسرائيلَ، وكانَ يُعامِلُهُمْ بكثيرٍ من اللِّينِ والسَّماحَةِ، فَأَحَبُّوهُ حُبّاً جَمّاً.
ومِنَ الأحداثِ المُهِمَّةِ في حياةِ هارونَ، الَّتي فَصَّلَ القرآنُ الكريمُ ذِكْرَها، مسألةُ عِبادَةِ العِجْلِ الذَهَبِيِّ.
وخُلاصَةُ القِصَّةِ أنَّ مُوسى عليهِ السَّلامُ كانَ على مَوْعدةٍ لِمُناجاةِ رَبِّهِ عَزَّ وجلَّ، فَأَعْلَنَ للشَّعْبِ الإسرائيليِّ أنَّهُ سيتغيَّبُ لهذا الغرضِ ثلاثينَ يوماً، وتركَهُمْ في رعايةِ هارونَ وأوْصاهُ قائِلاً: «اخْلُفْني في قومي، وأصْلِحْ، ولا تَتَّبِعْ سبيلَ المُفْسِدينَ».
ولكنَّ غيبةَ مُوسى استمرَّتْ أربعينَ يوماً، وفي هذهِ المدَّةِ ظهرَتْ فتنةُ «السامِرِيِّ» الَّذي قالَ لبَني إسرائيلَ: إنَّ مُوسى أطالَ الغيبةَ عليْكُمْ لأنَّهُ غاضِبٌ مِنْكُمْ بسببِ الحُلِيّ الَّتي استَعارَتْها نِساؤُكم مِنَ المصرياتِ، ولم نردَّها لهنَّ. ثُمَّ إنَّهُ أَخَذَ هذهِ الحُليّ وصَهَرَها وصَنَعَ منها «عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ» وقالَ لبَني إسرائيلَ: هَذا إلَهُكُمْ وإلهُ موسى.
وحاولَ هارونُ أنْ يَمنعَ هذهِ الفتنةَ، ولكنَّ المفتونينَ آذَوْهُ وكادُوا يَقْتُلونَهُ. ولَمَّا رَجعَ موسى بعدَ مُناجاةِ ربِّهِ وجدَ هذا الصنمَ، فغضبَ غَضَباً شديداً، وكادَ يبطشُ بأخيهِ هارونَ، الَّذي وضَّحَ لَهُ الحقيقةَ، واعْتَذَرَ لَهُ بقولِهِ: «إنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقولَ فَرَّقْتَ بينَ بني إسرائيلَ ولمْ تَرْقُبْ قَولي» أيْ: لَمْ تُنَفَّذ وصيَّتي بالإصْلاح.
وعِنْدَما أَسَنَّ هارونُ، خَرَجَ وأَحَدُ أبنائِهِ مَعَ أخيهِ مُوسَى إلى قِمَّةِ جَبَلٍ اسْمُهُ جبلُ هُور، ويُطْلَقُ عليهِ الآنَ «جبلَ هارونَ» وهوَ يَقَعُ في مُنْتَصفِ الطَّريقِ بينَ خليجِ العَقَبَةِ والطَّريقِ الجنوبيِّ مِنَ البحرِ المَيِّتِ.
وهُناكَ ماتَ هارونُ عليهِ السَّلامُ ودُفِنَ، وأقامَ المسلمونَ عليهِ مَسْجِداً. ورُبَّما كانَ الجبلُ الَّذي ماتَ عليهِ هارونُ هوَ الجَبَلَ المَعْروفَ اليومَ بجَبَلِ مُديرَة.
وجَديرٌ بالذِّكْرِ أنَّ الكِهانَةَ، وهيَ وظيفةٌ دينيَّةٌ تَخْتَصُّ بتقديمِ القَرابينِ، كانَتْ وَقْفاً على هارونَ وذُرّيتِهِ، واسْتَمَرَّتْ رئاسَتُهُم لهذِهِ الوظيفةِ حتَّى سنةِ 70 م بعدَ دَمارِ أُورْشَليمَ والهيكلِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]