نبذة تعريفية عن “عملية التجوية” وأنواعها
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الرابع
KFAS
عملية التجوية أنواع التجوية علوم الأرض والجيولوجيا
عمليات التجوية هي تلك العمليات التي تعمل على تفكك صخور القشرة الأرضية وتفتتها وتحللها وتهيئتها لعوامل التعرية المختلفة.
فالحصى والرمال والطين والأملاح وغيرها من الرواسب التي تنقلها الأنهار هي في الواقع من نتاج عمليات التجوية.
ومن ثم فإن عمليات التجوية تقوم بوظيفة تحويل الكتل الصخرية التي يتألف منها سطح الأرض إلى غطاء من الرواسب في حالة سائبة أو غروية أو قابلة للذوبان في الماء.
وتعد التربة من أهم نتاج عمليات التجوية. وتنقسم عمليات التجوية إلى نوعين: الأول وهو التجوية الفيزيائية أو الميكانيكية ويتم بواسطتها تفتت الصخر.
أما النوع الثاني وهو التجوية الكيميائية فيتم خلالها تحلل الصخر وتحوله نتيجة للعمليات الكيميائية، ومن ثم يفقد الكثير من خصائصه الطبيعية.
أولاً: التجوية الفيزيائية (الميكانيكية)
ينجم عن التجوية الفيزيائية أو الميكانيكية تكسر الصخر إلى جزيئات صغيرة لا تلبث بدورها أن تتكسر هي الأخرى إلى جزيئات أصغر فأصغر بمرور الزمن، وذلك بواسطة توالي تمدد الصخر وانكماشه، لتباين الحرارة بين ارتفاع وانخفاض، وتتابع تجمد المياه وذوبانها في شقوق الصخر وفواصله.
ففي أثناء النهار تتعرض الصخور تعرضاً مباشراً للإشعاع الشمسي مما يرفع من درجة حرارة الصخر خاصة مع انعدام الغطاء النباتي.
كما في الصحاري، بينما تنخفض درجة الحرارة انخفاضاً كبيراً أثناء الليل مما يؤدي إلى تمدد الصخر خلال النهار وانكماشه في الليل، وينجم عن توالي هذه العملية تفتت الصخر وانفراطه إلى مكوناته الأولية وإعداده لعوامل التعرية المختلفة.
والمعروف أن الصخور تتكون من خليط لمجموعة من المعادن ولكل معدن معامل خاص للتمدد والانكماش.
وقد يتمدد بعضها في اتجاه معين بينما يتمدد الآخر في اتجاهات متعددة، هذا إلى جانب أن هناك معادن داكنة اللون تمتص الحرارة بمعدل أسرع عن زميلتها الفاتحة اللون.
وهكذا تختلف خصائص المعادن التي تؤلف الصخر الواحد– ومن ثم يتفاوت مدى تجاوب هذه المعادن مع ارتفاع الحرارة وانخفاضها ويتعرض الصخر الواحد لضغوط داخلية متباينة ينتج عنها تشقق الصخر وتفككه وانفراط حبيباته.
ويقتصر تأثير التفاوت في درجة الحرارة على قشرة رقيقة من سطح الأرض هي التي تتمدد وتنكمش مما يؤدي إلى تصدع هذه القشرة وانفصالها عن الصخر الأم فتسقط على هيئة رقائق بواسطة الجاذبية الأرضية تاركة السطح الجديد لعمليات أخرى مماثلة، هذه العملية تسمى بالتقشر (Exfoliation).
وقد تتكسر الصخور إلى كتل مستطيلة الشكل كما يحدث في صخر الكوارتزيت.
حيث يؤدي تمدد القشرة الخارجية وانكماشها إلى تكوين شقوق موازية للسطح الخارجي على عمق عدة بوصات، ثم تتكون شقوق رأسية عمودية على السطح– مما يؤدي إلى تقطع هذه الطبقة إلى كتل صغيرة.
وتسمى هذه العملية باسم التكسر الكتلي (Black disintegration). وقد تتعرض حواف وأركان هذه الكتل لمزيد من التقشر.
ومع إزالة هذه الحواف تتخذ الكتل الصخرية أشكالاً كروية أو بيضاوية معطية الشكل الكروي للكتل الصخرية وهي أكثر وضوحاً في صخر الجرانيت.
وفي المناطق الباردة والجبلية حيث تنخفض الحرارة دون التجمد من حين لآخر، تتجمد المياه في شقوق الصخر وفواصله ومن ثم يزداد حجمها وتنتج عن زيادة حجم المياه بعد تجمدها توليد ضغط شديد على شقوق الصخر.
ويزداد هذا الضغط مع متابعة الحرارة لانخفاضها دون التجمد حتى يصل أقصاه إلى نحو 2.100 طن على القدم المربع الواحد عندما تنخفض الحرارة إلى 22º سيليزية دون التجمد.
ومع ذوبان المياه مرة أخرى خلال النهار (فترة ارتفاع الحرارة)، يزول الضغط الواقع على الشقوق.
وهكذا فإن توالي عمليات تجميد المياه وذوبانها بين شقوق الصخر وفواصله تؤدي إلى اتساع هذه الشقوق، وقد تؤدي إلى تكوين شقوق جديدة تزداد بدورها اتساعاً وهكذا.
لذلك يؤدي سقوط الكتل الصخرية من أوجه الحافات نحو قواعدها إلى تكسر هذه الكتل الصخرية وتحولها إلى مفتتات أقل حجماً.
ثانياً: التجوية الكيميائية
ينتج عن التجوية الكيميائية تحلل الصخر وتحوله، وتغير مكوناته المعدنية، وظهور مواد جديدة تختلف عن المعادن الأصلية. وتعتبر التجوية الكيميائية نتاج التفاعل بين تركيب الصخر من ناحية، والظروف المناخية من ناحية أخرى.
وينتج عن التجوية الكيميائية بعض المواد ذات القيمة الاقتصادية مثل التربة والصلصال، الذي يستخدم في صناعة الأواني الفخارية.
إضافة إلى خام الحديد والمنجنيز واليورانيوم والڤاناديوم وأغلب المواد الناتجة عن التجوية الكيميائية غير قابلة للذوبان (سواء ظلت في مكانها أو نقلت عالقة في المياه) والقليل منها قابل للذوبان (وينتقل مذاباً في المياه).
أما المواد الغروية الناتجة عن التجوية فيصعب الفصل فيها بين ما هو قابل للذوبان وما هو غير قابل للذوبان، وهي على جانب كبير من الأهمية.
وتتفاعل الغازات الموجودة في الغلاف الجوي مع معادن الصخر المختلفة مما يؤدي إلى تحلل الصخر.
فالأكسجين يتفاعل مع الصخور فيما يعرف بعملية التأكسد (الأكسدة) (Oxidation) أي يتحول الصخر إلى مادة أقل صلابة وأقل مقاومة لعوامل التعرية وهي ما تعرف بالأكاسيد.
وعلى سبيل المثال يتأثر معدن الحديد بهذه العملية وتنتشر أكاسيد الحديد انتشاراً واسعاً على سطح الأرض حيث تكتسب الصخور لوناً يميل إلى الاحمرار خاصة في المناطق الاستوائية، التي تنتشر بها تربة اللاتيريت المعروفة.
كذلك ينتج عن اختلاط ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء مع مياه الأمطار إلى تكوين حمض الكربونيك المخفف الذي يعمل على إذابة الصخور الجيرية بصفة خاصة ويسمى تفاعل ثاني أكسيد الكربون بعملية الكربنة أو التكربن (Carbonation).
وعندما تتعرض مادة كربونات الكالسيوم التي تتألف منها الصخور الجيرية بفعل مياه الأمطار (بعد إذابتها لغاز ثاني أكسيد الكربون الجوي وتكوين حمض الكربونيك) تعمل هذه المياه على إذابتها. كما يؤدي تداخل بخار الماء الموجود في الهواء مع الصخور إلى عملية التميؤ.
ويمكن إدراك أهمية التجوية الكيماوية بصفة خاصة عند تحليل المياه الجارية في الأنهار التي تحتوي على نسبة كبيرة من العناصر الكيماوية المذابة التي اشتقتها من الصخور في مناطق المنابع وتمثل المواد ما يسمى بالحمولة المذابة.
وتتوقف عمليات التجوية بنوعيها الميكانيكية والكيميائية على خصائص الصخر من حيث تكوينه المعدني والكيميائي، ونسيج الصخر وقوامه، والأحوال المناخية خاصة درجة الحرارة والمدى الحراري اليومي والتذبذب حول درجة التجمد، وكمية المطر وكثافته والرطوبة النسبية وكمية الإشعاع الشمس وغيرها. فضلاً عن الكائنات الحية من نبات وحيوان.
فالحيوانات القارضة والديدان والنمل ذات قدرة كبيرة على الحفر والتنقيب وتفكك الصخر. وللنبات تأثير كبير على التجوية، فجذور النبات تتعمق في باطن التربة وتعمل على تشقق الصخور عندما تمتد في باطن الأرض لمسافات كبيرة.
ولكن النبات أيضاً عامل بناء إذ يعمل على حفظ التربة من الانجراف ويحول دون إزالتها خاصة في المنحدرات. والإنسان عندما يزيل النبات الطبيعي يعمل على تعريض التربة للانجراف.
ومن ثم تجريد السطح من غطائه الرسوبي لتبدأ عمليات التجوية في ممارسة نشاطها فوق هذا السطح من جديد.
ومن المعلوم أن المعادن في درجة ثباتها بالنسبة لعوامل التجوية وقد وضح جولديش (Goldich) ذلك بترتيب المعادن في نظام معين مبتدأ بالمعادن الأقل ثباتاً، كالأوليفين والبلاجيوكليز الكالسي ومتدرجاً إلى المعادن الأكثر ثباتاً وهو الكوارتز.
ولتوضيح مقدار التدرج في ثبات المعادن يمكن تتبع نواتج تجوية المعادن المكونة للصخور الجرانيتية كمثال.
كوارتز– تحدث له عمليات تفتيت.
أرثوكليز– يتأثر بعملية التميؤ مكوناً الكاولين وبعملية التكربن مكوناً كربونات البوتاسيوم.
بلاجيوكليز– يتأثر بعملية التميؤ مكوناً الكاولين وبعملية التكربن مكوناً كربونات الصوديوم أو الكلسيوم.
مسكوفيت– لا يتأثر بالتجوية الكيميائية ويتفتت إلى صفائح دقيقة.
بيوتيت– يتأثر بعمليات التميؤ الكيميائية وتتكون أكاسيد الحديد.
الزيركون– يمكن أن تحدث له عملية تفتيت.
أي أن نواتج التجوية للصخور الجرانيتية يمكن أن تكون الرمل– الحجر الرملي– الكاولين– أكاسيد الحديد.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]