الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن مدينة القدس المتواجدة في فلسطين

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مدينة القدس فلسطين الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

مَدينَةُ القُدسِ من أَقدَمِ المُدُنِ في العالَمِ إذْ يمتدُّ تاريخُها إلَى أكْثَرَ من 4000 سنةٍ.

وهي مدينةٌ مُقَدَّسَةٌ عِنْدَ المُسلِمينَ والنَّصارَى بِصِفَةٍ خاصًّةٍ لما تَضُمُّهُ من مَواقِعَ أَثَرِيَّةٍ دينيَّةٍ تَرْتَبطُ بِتاريخ كلٍّ مِنَ الدِّيانَتَيْنِ الإسْلامِيَّةِ والمَسيحِيَّة ومِن ثمَّ اكتَسَبَتْ شُهْرَةً سياحِيَّةً دينيَّةً.

وقَد عُرِفَتْ «القُدْسُ» بَعدَ الفَتْحِ الإسلامِيِّ لَها في عامِ 15 هـ (636م) باسمِ «بَيْتِ المَقْدِسِ» أو «القُدْسِ الشَّريفِ».

 

وقَدْ ظَلَّتْ تحتَ الحكمِ الإسْلامِيِّ منذُ ذلِكَ التَّاريخِ حتَّى غَزاها الصّليبيّونَ وسَيْطَروا عَلَيْها عامَ 493هـ (1099م).

ولكنْ استطاعَ المُسلِمونَ اسْتِعادَتَها مِنْ أَيْدِي الصّليبيِّينَ عامَ 583 هـ (1187م) بعدَ هَزيمَةِ الصّليبيِّينَ علَى يَدِ القائِدِ المسلمِ صَلاحِ الدِّينِ الأَيّوبِيِّ.

والقُدْسُ هي ثالثُ الأَماكِنِ المُقَدَّسَةِ عِنْدَ المُسْلِمينَ، بَعْدَ مَكَّةَ المُكَرَّمَةَ والمَدينَةِ المُنَوَّرَةِ.

 

وتبلغُ مِساحتُها حوالَيْ 107 من الكيلومِتراتِ المُرَّبَّعَةِ، وتَقَعُ علَى تَلَّةٍ يبلغُ ارْتِفاعُها 732 متراً (2400 قدم) فوقَ سَطْحِ البَحْرِ، ولِذَلِكَ يَتَّسِمُ مُناخُها بالاعْتِدالِ طَوال العامِ. وتَنْقَسِم مدينةُ القدسِ قسمين، هما: القدس الشرقية والقدس الغربية.

والقدس الشَّرْقِيَّةِ تمثل مدينة القدس القديمة بشوارعها الضيقة. والجزء القديم جدا من القدس الشرقية محاطٌ بِسورٍ لَهُ سَبْعَةُ أبوابٍ، ويَضُمُّ أَرْبَعَةَ أَحياءٍ، وهي: الحَيُّ الإسْلامِيُّ وهو أكْبَرُ الأَحْياءِ، والحَيُّ المَسيحيُّ، والحَيُّ اليَهودِيُّ، والحيُّ الأَرِمَنِيُّ.

وتضمُّ القدسُ الشّرقِيُّةُ مُعْظَمَ المَواقِعِ الأثَرِيَّةِ الدِّينِيَّةِ التَاريخِيَّةِ المُهمَّةِ، وهي:

 

1- قُبَّةُ الصَّخْرَةِ: وهي قُبَّةٌ مَطْلِيَّةٌ بالذَّهبِ، وتُعَدٌّ أجْمَلَ مَبْنَى إنشائيِّ بالقُدسِ.

وقَدْ شيَّدَها المسلمونَ عامَ 72 هـ (691م) فَوْقَ المَكانِ الّذي عُرِجَ مِنْه بالرَسولِ، صلَّى اللّهُ عليه وسلَّم، بصُحبَةِ جِبريلَ عليهِ السَّلامُ، في رِحْلَةِ الإسْراءِ والمِعْراجِ، وذَلِكَ تَخْليداً لِهذه الرِّحْلَةِ المُعِجِزَةِ

 

2- المَسْجِدُ الأَقْصَى: هو أُولَى القِبْلَتَيْنِ وثالثُ الحَرَمَيْنِ الشَّريفَيْنِ.

فَقِدْ بَقِيَ المَسْجِدُ الأقْصَى القِبْلَةَ الأُولَى لِلْمُسْلِمينَ حتَّى السَّنَةِ الثّانِيَةِ لِلْهِجْرَةِ عِنْدَما أمرَ اللهُ سُبْحانَه وتَعالَى رَسولَهُ الكَريمَ، صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ، بتَحْوِيلِ القِبْلَةِ مِنَ المَسْجِدِ الأقْصَى إلَى المَسْجِدِ الحَرامِ  ويُشَكِّلُ المَسْجِدُ الأقْصَى مَعَ قُبَّةِ الصَّخْرَةِ «الحَرَمَ القُدْسِيَّ الشَّريفَ».

 

3- كَنِيسَةُ القِيامَةِ: توجدُ في الحَيِّ المَسيحِيِّ فَوْقَ الجَبَلِ الذي يَعْتَقِدُ النَّصارَى أنَّ المَسيحَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ تَمَّ قَتْلُهُ وصَلْبُهُ عَلَيْهِ ودَفْنُهُ فيهِ

 

4- مَرْبَطُ البُراقِ: يُمَثِّلُ جُزْءاً مِنَ الحَائِطِ الغَرْبِيِّ لِلْحَرَمِ القُدْسِيِّ الشَّريفِ. وهو الحائِطٌ الذي يُطْلِقُ عَلَيْهِ اليهودُ «حائِطَ المَبْكَى»، ويُقَدِّسُه اليهودُ ويَزْعمونَ أَنَّهُ يُمَثِّلُ الجُزْءَ الغَرْبِيِّ مِنَ الهَيْكَلِ اليَهودِيِّ. والحقيقَةٌ أَنَّه أَثرٌ ووَقْفٌ إِسْلامِيٌ ولَيْسَ لِلْيَهودِ حَقٌ فِيهِ.

 

وقَدْ احْتَلَّتْ إِسْرائيلُ القُدْسَ الشَّرْقِيَّةَ في أَثْناءِ حَرْبِ يونْيو «حُزَيْران» 1967م، وضَمَّتْها إلَى الأراضِي الّتي احْتَلَّتْها عامَ 1948م. ولكنَّ مَجْلَسَ الأَمْنِ في عام 1968م أَصْدَرَ قراراَ أبْطَلَ جميعَ الإجْراءاتِ الّتي اتَّخَذَتْها إِسْرائيلُ بِضَمِّ القُدسِ الشَّرقِيَّةِ.

ولكنَّ إسرائيلَ لَمْ تُذْعِنْ لِهذا القَرارِ، ولَمْ تُحاوِلْ الدُّوَلُ الكُبْرَى أَنْ تُجْبِرَها علَى إلْغاءِ قرارِها بِضَمِّ القُدْسِ الشَّرْقِيَّةِ لأَراضِيها.

 

 

بَلْ وتَمَادَتْ إِسْرائيلُ وأخَذَتْ في تَهويدِ القُدْسِ الشَّرْقِيَّةِ بِبِناءِ العديدِ مِنَ المساكِنِ للإسرائيليِّينَ، وتقومُ، في الوَقْتِ نَفْسِهِ، بِهَدْمِ بِعْضِ مَساكِنِ الفِلسطينِيِّين بحُجِّةِ أَنَّها بُنِيَتْ بدونِ تَرْخيصِ.

ويَطالِبُ الفِلسطينيُّونَ بِعَوْدَةِ القُدْس الشَّرْقِيَّةِ مَعَ باقِي الأَراضِي الفلسطينِيَّةِ المُحْتَلَّةِ في الضِّفَّةِ الغَرْبِيَّةِ وغَزَّةَ، واعْتِبار القُدْسِ الشَّرْقِيَّةِ عاصمةً للدَّوْلَةِ الفلسْطينيَّةِ المُتَوَّقَعِ إِعْلانُها في أَيِّ لَحْظَةٍ.

 

أمَّا القُدْسُ الغَرْبِيَّةُ فَتُمَثِّلُ القِطاعَ الغَرْبِيَّ مِنَ مدينَةِ القُدْسِ. وهو قِطاعٌ حديثٌ أقامَهُ اليهودُ بَعْدَ قَرارِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ عام 1949م بِتَقْسيمِ الأَراضِي الفِلسطينِيَّةِ بَيْنَ الفلسطينيِّينَ واليَهودِ. وقَدْ أَعْلَنَتْ إِسْرائيلُ في عام 1950م القُدْسَ الغَرْبِيَّةَ عاصِمَةً للدَّوْلَةِ اليهودِيَّةِ بدلاً من تَلِّ أَبيبَ.

ولكنَّ السَّفاراتِ الأجنبِيَّةَ للدُّولِ المُمَثِّلَةِ في إِسرائيلَ لَمْ تَنْقِلْ سِفاراتِها إلَى القُدْسِ وبَقِيَتْ في مدينَةِ تلِّ أَبيبَ نظراً للمُعارَضَةِ العَرَبِيَّةِ الشَّديدَةِ علَى اعتبارِ القُدْسِ الشَّرْقِيَّةِ أَرْضاً عربيةً مُحْتَلَّةً.

وتضمُّ القدسُ الغربِيَّةُ بعضَ المواقِعِ الأَثَرِيَّةِ الدِّينِيَّةِ، أَهَمُّها: مبنًى مقامٌ علَى جَبَل صهيونَ يضمُّ ما يُظَنُّ أنَّه «قَبْرُ نَبْيَّ اللهِ داودَ» كما تَضُمُّ ما يُسَمَّى «قاعةَ العَشاءِ الأخيرِ» وهي القاعَةُ الّتي يُقال إنَّ المسيحَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ تَنَاوَلَ فيها آخِرَ عَشاءٍ لَهُ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى