نبذة تعريفية عن نباتات الأُشَن
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
نباتات الأُشَن النباتات والزراعة الزراعة
الأُشَنُ أو الأُشَناتُ جمعُ أُشْنَةَ، وهي مجموعةٌ من النباتاتِ اللاَّزَهْرِيَّةِ التي تختلفُ اختلافاً واضحاً عن النباتاتِ الزَهْرِيَّةِ المألوفةِ لَنَا.
وتضمُّ الأُشَنُ حوالَيْ 20.000 نوعٍ، وتعيشُ في جميعِ الإقاليمِ المُناخِيَّةِ في العالَمِ. وهي نباتاتٌ بطيئةُ النُّمُوِّ، شديدةُ التَحَمُّلِ للظروفِ البيئيةِ القاسيةِ.
وجسمُ نباتِ الأُشَنِ بسيطُ التركيبِ، يتكوَّنُ من ارتباطٍ بين فُطْرٍ وطُحْلُبٍ يعيشان حياةً يتبادَلَانِ فيهَا المنفعةَ
فالفطرُ يشكِّلُ الهيكلَ الأساسيَّ للأُشْنَةِ. كما يَمُدُّها باحتياجاتِها من الماءِ والأملاحِ عن طريقِ خيوطِ الفُطْرِ رقيقةِ الجُذُرِ القادرةِ على الامتصاصِ، أمَّا الطُحْلُبُ فإنَّه يقومُ بتصنيعِ الغذاءِ، لأنّ الطحالبَ تحتوِي عادةً على صِبْغِ الكلورُوفِيل اللازمِ لعمليةِ البناءِ الضوئِيِّ.
وبعضُ أنواعِ الأُشَنِ ينمو كقِشْرَةٍ على سطحِ الصخرِ أو التربةِ المتماسِكَةِ أو قَلَفِ الشجرِ، فتبدو وكأنَّها بقعةُ ضِبْغٍ، بحيثُ لا يتصوِّرُ الناظرُ إليها أنّها كائناتٌ حيَّةٌ تَنْتَمِي إلى عالَمِ النباتِ.
ولكنَّ بعضَ الأُشَنِ يشبهُ وَرَقَ الشَّجَرِ في شَكْلِهِ العَامَّ، ويلتصقُ بالصَّخْـرِ أو التُّربَةِ أو جذوعِ الأشجارِ. كذلكَ ينمُو بعضُ الأُشَنِ قائمـــــــاً مُتَفَرِّعاً وله جسمٌ أسطوانِيٌّ رفيعٌ متفرعٌ يشبهُ الشُّجَيْرَةَ الدقيقةَ ولا يتجاوزُ ارتفاعُه بضعةَ سنتيمتراتٍ قليلةٍ.
وتتكاثرُ الأُشَنُ خَضَـرِيًّا إذْ يتكَسَّرُ الجسمُ إلى قِطَعٍ، تنمو كلُّ منها لتكَوِّنَ أَشْنَةً جديدةً، أو يكوِّنُ النباتُ جسيماتٍ صغيرةً كَحَبَّاتِ الرَّمْلِ تنفصلُ عن النباتِ الأمِّ وتكوِّن كائناً جديداً. كذلك تتكاثرُ الأُشَنُ تكاثُراً جِنْسِيًّا
وللأُشَنِ استعمالاتٌ محدودةٌ، فبعضُها يشكِّل غذاءً للإنسانِ والحيوانِ وبخاصّةٍ حيوانُ الرِّنَّةِ في المناطِقِ القُطْبِيَّةِ، ومنها ما يدخلُ في صناعةِ بعضِ أنواعِ الحَلْوَى (مثل الحــــــــــلوَى العِرَاقِيَّةِ المعروفَةِ باسمِ المَّنِّ).
وقد استخدمَها الإنسانُ في الطِبِّ الشعبِيِّ لعلاجِ مختلِفِ الأمراضِ (السُّعَالِ، السُّلِّ الرِئوِيِّ، التهابِ الحَلْقِ، نزلاتِ البردِ، آلامِ الأسنانِ، القُرَحِ، الحُمَّى، الانقباضاتِ، الصَّفْراءِ).
واستعملَها أبُقْراطُ لعلاجِ التهاباتِ الرَّحِمِ، كما استعملها المصـريون القدماءُ والصينيون. وما زالَتْ بعض أنواعِ الأُشَنِ تُسْتَخْدَمُ في الملايو كمُقَوٍّ عامٍّ ولعلاجِ نزلاتِ البردِ. وتُؤَكِّدُ الدراساتُ أنَّ الكثيرَ من الأُشَنِ يحوِي مُضَادَّاتٍ حيويةً.
وفي السابقِ استخلَصَ الإنسانُ منها أصْبَاغاً طبيعيةً ومنها الصِّبْغَةُ المعروفةَ باسم "صبغةِ عبَّادِ الشمسِ" التي تُسْتَخْدَمُ في الكيمياءِ للكشْفِ عن المحاليلِ الحِمْضِيَّةِ والقَلَوِيَّةِ.
في الآونَةِ الحديثةِ ظهرَتْ للأُشَنِ فوائدُ علْمِيَّةٌ جديدةٌ في الدِّراساتِ المُتّصِلَةِ بِقِيَاسِ كمِّياتِ الغُبارِ الذَّرِّيِّ المتساقطِ، وعمرِ هذا الغبارِ، اعتماداً على قُدْرَةِ الأُشَنِ عَلَى امتصاصِ النُّفَاياتِ المُشِعَّةِ.
كما تُسْتَخْدَمُ في مَعْرِفَةِ التَّغَيُّرَاتِ التي حدثَتْ في الطَّقْسِ في المناَطقِ القطبيةِ. ونظراً لحساسيةِ الأُشَنِ لمُلَوِّثاتِ الهَواءِ، وبخاصة غازُ ثاني أكسيدِ الكِبْريتِ، فقد أمكن استعمالُها كمُؤَشِّراتٍ لقياسِ درجةِ تَلَوُّثِ الهواءِ وبخاصةٍ في المُدُنِ الصِّنَاعيَّةِ.
وللأُشَنِ أهميَّةٌ خاصةٌ من الوِجْهَةِ البيئيَّةِ، إذْ إنَّها من أَكْثَرِ النباتاتِ تَحَمُلاًّ للبيئاتِ القاسِيَةِ (شديدةِ الجفافِ أو الحَرَارةِ أو البُرودةِ)، ولذا فإنَّها تُشَكِّلُ الأطوارَ الأولَى الرائدةَ في استعمارِ النباتاتِ لهذه البيئاتِ، مثلَ سَطْحِ الصَّخْرِ الصَّلْدِ الذي لا يُمسِكُ بالماءِ، ولا يحوِي الأَملاحَ اللاَّزمةَ للنَّبَاتِ في صورةٍ سائغةٍ.
كَمَا يصعبُ على جُذُور ِالنباتِ اختراقُ الصَّخْر إلاَّ أنَّ الأُشَنَ مؤهلةٌ للعيشِ في هذه الظُّرُوفِ القاسِيَةِ، فهي تلتصقُ بالصَّخْرِ بِبُطءٍ بإِفرازَاتِها الحِمْضِيَّةِ، وتَحْصُلُ على احتياجاتِها المعدِنيَّةِ منه ومن الغُبَارِ المتساقِطِ.
وتمتصُّ الرطوبةَ الجَوِيَّةَ وماءَ المَطَرِ، وتَجْمَعُ حبيباتِ الغُبَارِ والرِّمالِ حَوْلَ جسمِها الضئيلِ وبِذَا تُكَوِّنُ الجزءَ المَعْدَنِيِّ من تُرْبَةٍ ضحلة، وتَمُوتُ الأجزاءُ المُسِنَّةُ من جِسْمِ النَّباتِ فتشكِّلُ الجزءَ العُضْوِيِّ من التُّرْبَةِ.
وهكذا تُسْهِمُ الأُشَنُ في بِنَاءِ تُرْبَةٍ رقيقةٍ قد يبلغُ سَمْكُها عِدَّةَ مِلِّيمِتْرَاتٍ أو بِضْعَةَ سنتيمتراتٍ تَصْلُح لنُمُوِّ جيلٍ آخرَ من نباتاتٍ أكثرَ تَكَيُّفاً مع البيئةِ الجديدةِ مثل الحَزَازِيَّاتِ، أو النَّباتَاتِ الزَّهْرِيَّةِ الحَوْلِيَّةِ الصَّغِيرَةِ.
وهذه بدَورِها تُطَوِّرُ البيئةَ وتزيدُ في بناءِ التُّرْبَةُ بحيثُ تصبُح أَكْثَرَ مُلَاءَمَةً للجيلِ التَّالِي من النباتاتِ المُعَمِّرَةِ الأَكْبَرِ حَجْماً. وهَكَذا يُعَمَّرُ المنطقة نَفْسَها جيلٌ ورَاء جيلٍ. وتُسَمَّى هذه الظاهرةُ بتَعَاقُب النباتَاتِ. وقد رأينا أن الأُشَنَ هي النباتاتُ الرَّائدةُ في هذَا المجالِ.
ويوجدُ العديدُ من الأُشَنِ، وبخاصةٍ الأُشَنُ القِشْـرِيَّةُ، في الكُوَيْتِ، حيثُ تلتصقُ بالصُّخُورِ الجِيرِيَّةِ أو الرَّمْلِيَّةِ، أو بالتُّربةِ الرَّمْلِيَّةِ الطِّينِيَّةِ المتماسِكَة في وَادِي أمِّ الرِّمَمِ، وخاصةً على السُّفُوحِ الشَّمالِيَّةِ الت تَتَعَرَّضُ بدرجةٍ أَقَلَّ من السُّفُوحِ الجنوبيةِ لضوءِ الشَّمْسِ المباشرِ ولدرجاتِ الحرارةِ العالِيَة.
وتبدو الأُشَنُ في أَغْلَبِها كبُقَعِ صِبْغٍ مختلِفٍ أَلوَانُها، منها الأَبيَضُ، والرَّمَادِيُّ، والأَسْوَدُ، والبُنِّيُّ، والأَصْفَرُ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]