نبذة عن حياة “ابو القاسِمّ العِرَاقيَّ”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
ابو القاسِمّ العِرَاقيَّ حياة العالم العراقي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
أثره في تاريخ الكيمياء محمود، وله في هذا العلم نظراتٌ ونظريات، من أظهرها نظرية الفلِّزات الستة، ذلك هو أبو القاسم العراقي.
بين "الظن" … و "الحقيقة"
ركدت الكيمياء في العصر الإسلامي قرنين من الزمان أو يزيد بدءاً من مستهل القرن الحادي عشر، ولم يوقظها من غفوتها إلا رجلٌ من العراق هو أبو القاسم محمد بن أحمد العراقي.
المعلومات عن حياته قليلة متضاربة . فـ "كشف الظنون" يقول إنه عاش في القرن السادس الهجري، بيد أن "عيون الحقائق" لعالمنا ذكر في مقدمته اسم ولي الأمر في ذلك العهد وهو الملك الظاهر ركن الدين.
ولما كانت مدة حكم هذا الملك امتدت من 658 إلى 676 ه، فيكون ابو القاسم قد عاش في القرن السابع الهجري لا السادس ، ويُرجَّح أن يكون مات عام 1300 م تقريباً .
العلم المكتسب … في زراعة الذهب !
كتابٌ اشتُهر به العراقي، وله أثر لا يُنكر في تاريخ الكيمياء، لأنه يعطي صورة واضحة للمبادئ والنظريات التي كان يقوم عليها هذا العلم إبَّان القرن الثالث عشر . ومن النظريات الأساسية في الكتاب "نظرية الفلزات الستة" والتي يمكننا توضيحها فيما يلي:
الفلزات ستة. وهي أفرادٌ من نوعٍ واحدٍ يختلف بعضها عن بعض في الشكل والخواص، ولكنها ليست كأفراد النوع الواحد من الحيوان أو النبات لأنها قابلة للتبدل .
طبيعتها الذاتية واحدة ولا يُفرِّقها سوى بعض الخواص العارضة، وإذا كان من المستحيل تحويل نوع من الكائنات الحية إلى نوع آخر يخالفه في الجوهر والذاتية، كالإنسان إلى حصان مثلا ، فإن هذا لا يصح تطبيقه على الفلزات، لأنه يمكن تحويل الرصاص إلى فضة .
فإذا أثَّرت النار في الرصاص أصلحته وأنضجته ، وتطاير الجزء الأكبر منه ، وتخلَّفت بقية صغيرة من الفضة .
وبهذه الطريقة يمكن الحصول على ربع درهم من الفضة النقية من رطلٍ من رصاص ، ولما كان من الميسور تحويل جزء من الرصاص إلى فضة فليس من المستبعد تحويله كله!.
وبنفس الطريقة يمكن تحويل الفضة إلى ذهب مع تطهير نار السبك ، لأنها تصبغ بالنار إذ ذاك وتتقوى وتستحل ذهباً ، ولو كان الذهب والفضة نوعين مختلفين لما أمكن تحويل أحدهما إلى الآخر.
معنى ذلك أن الفلزات الستة كلها من نوع واحد، يتميز أحدها عن الاخر بخواص عرضية، والذهب أكملها لخلوه من هذه العوارض.
أما الفضة والرصاص والقصدير فتشوبها البرودة، بعكس النحاس والحديد اللذين يتميزان بالسخونة. وهذه الكيفيات الست لعنصرٍ واحد أشبه بالحمَّى التي تُصيب الشخص السليم إذا عولج وبُريءَ منها اكتسب كمال الصحة .
ويعتقد العراقي أن الرطوبة والجفاف الملازمين للمعادن ليسا سوى تيار مائي ودخان أرضي، إذا امتزجا بالنسبة الملائمة نتجت عنهما الفلزات الستة، وإذا زادت نسبة الجفاف، أي الدخان، نشأت أحجار سهلة التقصف كالمغنيسيا والتوتيا، وإذا زادت نسبة الرطوبة ، اي التيار ، ليم يتكوَّن إلاّ الزئبق.
والاستنباط الذي وصل إليه العراقي لا يتفق بالقطع والحقيقة المعروفة الآن ، بيد أنه لم يكن وليد الظن أو محض خيال، لأنه بناه على الظواهر التي شاهدها من خلال تجاربه، فالرصاص مثلا يحتوي على نسبة ضئيلة من الفضة، قدَّرها بربع درهم في الرطل، أي بنحو 1,8 في الألف ، وهو لم يفطن إلى أنها كانت في الأصل ممتزجة بالخام، وتوهَّم أنها نتيجة الاستحالة بتأثير النار ! .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]