نبذة عن حياة البطلة الفرنسية “جان دارك”
1995 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
جان دارك شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
جان دارك بَطَلة وطنية فرنسية وقِدِّيسة مسيحية. وُلدت في أسرة ريفية ميسورةَ الحال، في قرية في شمال شرق فرنسا.
كانت جان صَبية أُمِّية، لم تدخلْ مدرسة، ولم تَعرفْ القراءة ولا الكتابة، ولكنها كانت ذاتَ ذكاء طبيعي وافرٍ ونفْسٍ صافية طاهرة وخُلق مستقيم.
في ذلك الوقت، كانت تدور أحداث «حرب المِئَة عام»، وكان الإنجليز يحتلون نصف فرنسا، ويريدون أن يوضع على عرشها ملك يكون مواليا ً لهم.
كانت جان ترعى الغنم، وتُمسك بعصا تَهُش بها على الخراف، ولم تكن تتخيلُ لحظةً واحدة أنها ستلبَسُ يوماً ملابس الرجال.
وتضع دِرْعاً على صدرها وخَوْذة على رأسها، وتُمسك بالسيف في يدها، وتقود الجيوش، وتحقق الانتصارات على المحتلين الإنجليز. ولكن هذا هو ما حدث.
بدأت الحكاية حين كانت جان في عمر الثالثةَ عشْرةَ، أخذت تَسمع أصواتاً في داخلها تتحدث إليها، وأدركت أن هذه أصواتُ قدِّيسات وقدِّيسين (القدِّيس في الديانة المسيحية إنسان طاهر كامل الصفات).
وفي سن السادسةَ عشرةَ سمعت هذه الأصواتَ تَطلب منها الذهاب إلى ولي العهد الشرعي لتساعدَه على أخذ تاج مملكة فرنسا بعد وفاة أبيه الملك، ولتَحثَّه على طرد الإنجليز. ولما تحدثت بذلك إلى أهل القرية وحكام المقاطعة ضحكوا منها وظنوها مجنونة.
ولكنَّ جان صَمَّمت على رؤية وليّ العهد، وزاد عدد من صدَّقها.
وأخيراً استقبلها ولي العهد، إلا أنه أراد اختبارها، فأمر أحد رجاله أن يجلس على عرشه حتى تتوهم جان دارك أنه ولي العهد وتتحدث إليه، وهكذا يتسلى رجال البلاط.
ولكن جان كانت قوية الفِرَاسة حتى أنها تَعرَّفَتْ وليَ العهد الحقيقي الذي كان واقفاً كأنه رجل عادي، فَصدَّق أنها مُرسَلة من عناية السماء، ولكنه وضعها تحت اختبار رجال الدين، ليتأكد من سلامة عقلها وسلامة عقيدتها.
ولما نجحت في الامتحان أمدَّها وليُّ العهد بجيش صغير لمحاربة المحتلِّين، وأصبحت الريفيةُ راعيةُ الغنم قائدةً للجيش وهي في سن السابعة عشرة.
نجحت جان دارك في هزيمة الإنجليز الذين كانوا يحاصرون مدينتَيْ أورليان في عام 1429م، فذاعت شهرتها في كل فرنسا، وأصبحت تسمَّى: عذراءَ أورليان. وتوالت انتصاراتها العجيبة.
ولكن الإنجليزَ وأعوانَهم أسروها في مايو 1430م، وقدَّموها للمحاكمة، وأعلنت المحاكم الدينية (محاكم التفتيش) أنها مُذنبة.
كانت التُّهم الظاهرية ضدَّها هي الخروجَ على الدين، والاتصالَ بالشيطان، والسحرَ، والشعوذةَ، ولكن السبب الحقيقي وراء محاكمتها كان الرغبة في التخلص منها لوطنيتها وحماسها لتحرير فرنسا.
كانت النهاية في 30 مايو عام 1431، حين حُكم عليها بالإعدام حرقاً بالنار على «المَحْرَقَة». فماتت جان دارك شهيدةً في سنة التاسعة عشرة.
هذه هي «عذراءُ أورليان»، الريفية قائدة الجيوش، راعية الأغنام الأُمية، التي أصبحت زعيمةَ التحرير الوطنيّ. لقد كذَّبها كثير من أهل وطنها، ولم يُسارع الملك إلى افتدائها بالمال حين أُسرت ولم ينجدها أحد وهي تحترق في عذاب النَار.
ولكن إخلاصَها لوطنها كان فوق كل شيء، فاستمر اسمُها في العلوّ، وطلب الملكُ من رجال الكنيسة إعادةَ محاكمتها، فظهرت براءتُها في عام 1456.
وبعد حوالي خَمْسِمئة عام على إعدامها أعلن «البابا»، رئيس الكنيسة المسيحية في روما أنها «قدِّيسة» في عام 1920م.
إن اسم جان دارك معروف عند كل الفرنسيين اليوم، ومدينة «أورليان» تحتفل بتكريم ذكراها كلَّ عام في يوم استشهادها، وترتفع تماثيلُها في كل مدينة فرنسية، تمجيداً لوطنيتها ووفاءً لتضحيتها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]