نبذة عن حياة الرحالة “ابنُ حَوْقَل”

1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرحالة ابن حوقل شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

هو الرحَّالةُ والجغرافيُّ الإسلامي محمد بن علي بن حوقل، وكُنْيتُه أبو القاسم. وُلِد في مدينة نصيبين في الجزيرة شمال العراق، ثم انتقل إلى الموصل وبغداد. ولهذا فهو يُلَقَّب بالنصيبى والموصلي والبغدادي.

قام برحلةٍ طويلة في العالَم الإسلامي استغرقت ثلاثين عاماً لدراسة الممالِك والبُلْدان الإسلامية، ولتأليف كتاب يُسَجِّلُ فيه مشاهدتِه ودراستِه، وهو كتاب "صورةُ الأرض" أو "المَسَالك والمَمالِك"

وكانت بدايةُ رحلة ابن حوقل من بغداد سنة 331هـ (943م) وطاف العالَم الإسلامي من شرقه إلى غربه، واستعان في كَسْب رزقِه وتغطية نفقاته بالأعمال التجارية.

زار ابنُ حوقل العراقَ وإيران وخُوارزم وما وراء النهر (جيحون) وأذربيجان وأرمينية، كما زار مصـرَ والمغرب وأطرافَ الصحراء الكبرى والأندلس وصقيلةَ وغيرَها.

ويُلاحَظ أن اشتغالَ ابن حوقل بالتجارة، قد وَلَّد فيه روحَ الاهتمام بالشئون الاقتصادية والاجتماعية للبلاد التي زارها، فنراه يهتم بوصف منتجاتها وثَرَواتها الزراعية والمَعْدنية.

ولهذا تميز كتابُه "صورة الأرض" بهذه الجوانب الاقتصادية الهامة للعالَم الإسلامي في القرن الرابع الهجري.

ولقد استفاد ابنُ حوقل من الكتب التي كتبها الجغرافيون السابقون عليه أمثالُ ابن خُرْدَاذْبَة والإصْطَخْري، ولكنه أضاف إليها معلوماتٍ جغرافيةٍ جديدة استنبطها من مشاهداته ودراساته وملاحظاته.

ومن أبدع ما دَوَّنَه ابنُ حوقل وَصْفُه لمدن الأندلس ولا سِيَّما العاصمةُ قرطبةُ على عهد الخليفةِ عبد الرحمن الناصر (300 – 350هـ).

فيقول: "وليس بجميع المغرب لها شبيه، ولا بالجزيرة والشام ومصر ما يدانيها في كثرةِ أهل، وسعةِ رقعة، وفُسْحِة أسواق، ونظافةِ مَحَالّ، وعمارةِ مساجد، وكثرة حمَّامات وفنادق. وهي فخمةٌ واسعةُ الحال بحسن الجدّة وكثرة المال، والتصرف في وجوه التَنَعُّم بجيِّد الثياب من ليِّن الكِتَّان وجيدِّ الخَزِّ والقَفِّز، والمتعة بفَارِهِ المركوب والمأكول والمشروب.

وقلَّ ما كان يذهب أحدُهم إلى السوق إلا راكباً دابة فارهة .. وكانوا يتفاخرون بهذه الحيوانات لا سِيَّما البغالُ الممتازةُ التي كانت تُجْلبُ إلى الأندلس من جزيرة ميورقة".