شخصيّات

نبذة عن حياة الشاعرة الخنساء

1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشاعرة الخنساء شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

الخنساء أشهر شاعرة عرفها الأدب العربي قديما وحديثا. تميزت بشعرها الرفيع في الرثاء حتى أصبحت علما مهما فيه.

اشتهرت بلقب الخنساء، أما اسمها فهو تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية.

وهي واحدة من أولئك الشعراء المخضرمين، الذين ولدوا في الجاهلية وعاشوا فترة من حياتهم فيها ثم أدركوا الإسلام وعاشوا زمنا فيه.

كانت قبيلتها – بنو سليم – تعيش في شمال الجزيرة العربية، وهي منطقة متصلة بأهم المراكز الثقافية آنذاك.

 

ونشأت تماضر في أسرة معتزة بنفسها، فقد كان والدها يفاخر بابنيه معاوية وصخر. وأتاح لها هذا وسطا اجتماعيا وثقافيا يسـر لها قول الشعر في مطلع شبابها.

وقد أنشدت شعرها أمام الشاعر الكبير النابغة الذبياني في سوق عكاظ، وكان يحكم بين الشعراء، فأشاد بشعرها، ورفعها إلى منزلة الشعراء الكبار.

ذاعت شهرتها بين الناس حتى أن دريد بن الصمة – وهو زعيم وشاعر كبير – أعجب بها فتقدم لخطبتها، ولكنها فضلت الزواج من قومها.

 

كانت الخنساء متعلقة جدا بأخويها: معاوية وصخر، وبخاصة صخر الذي كان كريما بارا بها.

ومما زاد تعلقها به هو أنها تزوجت من رجل كريم إلى درجة الإسراف، فكان ينفق المال بحيث لا يبقي شيئا، فتلجأ إلى أخيها صخر الذي لم يكن يكتفي بإعطائها حاجتها، ولكنه كان يقوم بقسمة أمواله إلى نصفين، فيعطيها نصفا ثم يحتفظ بالنصف الثاني.

فإذا احتاجت بعد ذلك وجاءت إليه مرة أخرى قام أيضا بتقسيم ما لديه من المال بينه وبينها بالطريقة نفسها.

 

وحدث حادث غير طريقتها في قول الشعر، فقد فجعت بقتل أخويها، حيث قتل معاوية، أما صخر فقد طعن، وظل يعاني من جرحه حتى مات.

كانت فجيعتها كبيرة فتحولت في شعرها إلى الرثاء الذي أبدعت فيه، حتى أصبحت أشهر من قال شعر الرثاء في الشعر العربي كله.

عندما بزغ فجر الإسلام، وانتشـر بين القبائل العربية. جاءت قبيلة بني سليم – قبيلة الخنساء – لتبايع الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

وكانت الخنساء من ضمن الوافدين، فبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسلمت وحسن إسلامها. ولكنها، مع ذلك، ظلت تتذكر أخويها – وبخاصة صخر – وتقول فيهما الشعر:

يذكرني طلوع الشمس صخرا

                              وأذكره لكل غروب شمس

ولولا كثرة الباكين حولي

                              على إخوانهم لقتلت نفسي

 

ولكن الخنساء التي ظلت تبكي أخويها اللذين قتلا في الجاهلية اتخذت موقفا آخر حينما دفعت بأولادها الأربعة كي يجاهدوا في الإسلام، وأوصتهم بالصبر والقتال، فتقدموا واحدا بعد الآخر حتى استشهدوا جميعا. 

فقالت قولها المشهور: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.

وقد عاشت بعدهم زمنا، وليس ثابتا تاريخ وفاتها ولكنهم قالوا توفيت في خلافة عثمان ابن عفان سنة 24 للهجرة، أو في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 42 للهجرة.

 

تميز رثاء الخنساء بالعاطفة الجياشة، ودقة تصوير الحزن والألم، وأبرزت فيه الصفات المحمودة لأخيها صخر الذي راحت تمجد أفعاله وتفخر بمواقفه، ففيه تجمعت معاني السيادة وصفات القيادة والبطولة والكرم. وهذه هي المحامد التي كان العرب يتفاخرون بها.

يكثر في شعرها صفة المبالغة التي ترسمها في لغة سهلة صافية وواضحة. أما موسيقى شعرها فذات إيقاع واضح متناسب مع المعاني البسيطة والواضحة التي تقدمها لنا.

 

فهي تحسن اختيار الألفاظ السهلة وتضعها في موقعها المناسب لها، وتقوم بتكرارها لأنها تعبر عن معاني مكررة عندها.

وهي ألفاظ ذات إيقاع موسيقي واضح. وتحرص – من جهة أخرى – على تكرار الإيقاعات الموسيقية داخل البيت الواحد.

 

ولكن بساطة شعرها لم تكن تخلوا من الصور الفنية الجميلة، والتشبيهات المبتكرة والمعبرة عن معانيها، وهذه الصفات الفنية نلمسها في أبياتها المشهورة التي تصف فيها أخاها صخرا:

وإن صخرا لوالينا وسيدنا

                                      وإن صخرا إذا نشتو لنحار

وإن صخرا لمقدام إذا ركبوا

                                        وإن صخرا إذا جاعوا لعقار

وإن صخرا لتأتم الهداة به

                                         كأنه علم في رأسه نار

جلد جميل المحيا كامل ورع

                                  وللحروب، غداة الروع، مسعار

حمال ألوية، هباط أودية

                                   شهاد أندية، للجيش جرار

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى