نبذة عن حياة الطبيب “ابنُ النَّفيس”
1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الطبيب ابن النفيس شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
هو علاءُ الدين أبو الحسن القَرَشي الدمشقي الملقب بابن النَّفيس. ولد في دمشق عام 607هـ الموافق 1210م، في عهد الملك العادل سيف الدين الأيوبي، أخي الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي.
درس الطب في البيمَارستان (أي المستشفى) النورى الكبير في دمشق سنة 1236م، ثم انتقل إلى القاهرة حيث عَمِل رئيساً لقسم الكحالة (أي طب العيون) في البيمارستان الناصري، ثم رئيساً لأطباء البيمارستان المنصوري، وهو منصب يجعله الرئيس الأعلى للأطباء في الدِّيار المصـرية.
ورغم أن ابنَ النفيس كان طبيباً إلا أنه كان كسائرِ علماءِ المسلمين في ذلك الوقت عالِماً موسوعياً أي له إلمام بالكثير من العلوم الأخرى مثل الفقه الإسلامي والشعر والأدبِ والفلسفةِ والتاريخ.
وقد جاء في بعض مراجعَ التاريخ أنه كان إلى جانب تدريس علوم الطب يُدَرِّس أيضاً علومَ الفِقْه والشـريعة في المدرسة المسرورية بالقاهرة.
وقد وُصف ابنُ النفيس بأنه كان طويلاً نحيفاً وسيماً متديناً عليه سيماءُ العِلْم ومظاهرُ الوَرَع. وقد وهب حياتَه كلَّها للعلم فلم يتزوجْ.
وقد عاش حتى سن الثمانين وتُوفي عام 1288م، في عهد السلطان قلاوون، بعد أن تبرع للمستشفى المنصوري الذي عمل فيه بكل أملاكه وأموالِه ودارِه الفاخرة.
وأهم من هذا كلِّه مكتبته الخاصة، التي كانت تُعْتَبر أعظَمَ مكتبةٍ علمية في عصـره. وقد عثر علماءُ الآثار حديثاً على قبره في مدينة رَشيد بجمهورية مصـر العربية.
وكان ابنُ النفيس عالِماً حاضرَ الذاكرة يؤلفُ كتبَه كلَّها مِن البديهة دون أن يحتاجَ إلى المراجع بجانبه، كما كان سريعَ الخاطِر قَويَّ الملاحظة.
ومما يُرْوى عنه أنه بينما كان مسترخياً في الحمام يستمتع ببخاري الماءِ الحار إذ مَدَّ يَدَه يتحَسَّسُ نبضَه.
وكان قد قاسه قبلَ دخول الحمام فلاحظ أن النبض في هذا الجو المريح للأعصاب تَقِلُّ سرعتُه عن الجو المتوتر المليء بالانفعال وقد أوحى هذا لابن النفيس بكتابة بحثه المهم، والذي صدر في كتاب بعنوان "رسالة في النبض".
ومن أهم مؤلفات ابن النفيس كتابُ "شرح تشـريح القانون"، أي قانون "ابن سينا". وهو مخطوطة نادرة اكتشفها الطبيب المِصْـري محيي الدين التَطَاوي في مكتبة برلين بألمانيا عام 1921م، فدرسه وحقَّقه ونالَ عنه درجة الدكتوراه بعنوان "ابن النفيس المكتشف الحقيقي للدورة الدموية".
فقد اكتشف الدكتور التطاوي أن ابنَ النفيس هو أولُ من صَحَّح أخطاءَ أطباءِ الإغريق مثل "جاليونس" والأطباء العرب مثل "ابن سينا"، وَفهْمِهِمْ للدورة الدموية.
فهو قد أثبت بالتشريح أن القلب يأخذ غذاءه من الشـريان التاجي المحيط به، وليس من الدم الذي في تجاوفيه. كذلك أظهر ابنُ النفيس أن الجدار الفاصل بين البُطَيْنَيْن في القلب غير منفذ للدم كما كانوا يظنون فلا يمر الدم بينهما وإنما يخرجُ الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين ثم يعودُ منهما إلى القلب. وهذه هي الدورة الدموية الصغرى، أو دورةُ الدم الرئوية.
كذلك اكتشف ابنُ النفيس أن بين الشـرايين والأوردة "منافذ" محسوسة (والتي عُرِفَتْ فيما بعد أنها الشعيرات الدموية).
وهكذا يكون ابن النفيس قد سبق في هذه الكشوف فيزاليوس وسيرفيتوس وكولومبو (في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي) ووليم هارفي (في النصف الأول من القرن السابع عشر).
ومن مؤلفات ابن النفيس أيضاً " تفاسير العلل وأسباب الأمراض" و "الشامل في الطب"، وقد صدر في ثمانين مجلدا، كما ألف كتاباً في طب العيون عنوانه "المُهَذَّب في الكَحْل" وآخر في التغذية باسم "المختارُ في الأغذية".
ومن مؤلفاته في الأدب والفلسفة "فاضلُ بن ناطق"، وفي التاريخ "الرسالة الكلية في السيرة النبوية"، وفي الدين "مختصر علم الحديث" وكتاب "التنبيه إلى طرق الشافعية"، وفي النحو كتاب "طريق الفصاحة".
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]