نبذة عن حياة العالم “ابن الهيثم”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
العالم ابن الهيثم شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
أحد علماء ثلاثة يزدهي بهم تاريخ العلوم وهم : ابن سينا، وابن الهيثم (شكل رقم 125)، والبيروني، بلغت الحضارة الإسلامية في عهدهم الذروة، من منتصف القرن العاشر إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلاديين.
وهو كأحد علماء الطبيعة المسلمين يعتبر الأرفع شأناً، والأعلى كعباً، والأرسخ قدماً، ولعله في مقدمة علماء ذلك العلم في كل العصور.
زهرةٌ… في المدينة البيضاء
في المدينة البيضاء، ذات الظل والماء، والنخل والخضرة، المسماة البصرة، كان يعيش فتىً قصير القامة ضئيل الجسم، واسع العينين عالي الجبهة، سامي النفس شديد الذكاء، محباً للخير زاهداً إلا في كل ما هو علم ومعرفة. ذلكم الفتى هو الحسن بن الحسن بن الهيثم وكنيته أبو علي.
وكان أبو علي مولعاً بدراسة العلوم الرياضية والطبيعية والطبية والفلك والفلسفة والأخلاق والمنطق.
وقد عرف فيها كل ما عرفه الهنود والفرس واليونانيون والمصريون القدماء الذين وصلت كتبهم إلى العرب بالترجمة في القرن العاشر الميلادي، أزهى قرون الحضارة العربية الإسلامية.
الفرار.. من البصرة
في كل مكان كان الناس يشيرون إلى أبي علي قائلين بفخرٍ: هذا هو ولدنا النابغة، المهندس البصري.
فمعارفه في الهندسة واسعة، خاصة في هندسة البناء، وكثيراً ما لجأ أهل البصرة إليه ليضع لهم تصميمات لبيوتهم ينفذها البناؤون، ومنهم أمير البصرة نفسه.
فقد طلب الأمير منه أن يبني له قصراً جديداً في البصرة يليق بالإمارة، ولكن أبا علي رأى أن ليس بوسعه سوى أن يضع مجرد التصميم للقصر ويتولى مهمة تنفيذه البناؤون.
وبسبب إصرار الأمير على ضرورة المشاركة في التنفيذ وإصرار المهندس البصري على مجرد التصميم، وقع خلافٌ لم يستطع أبو علي معه سوى الفرار من البصرة لينجو بنفسه من وعيد الأمير وتوعده، كما أن الاشتغال بالبناء سيحرمه من التفرغ.
ولكن إلى أين؟. أرخى الليل سدوله، وفي ظلمته، وبعد أن ودّع أبو علي أهله والأقربين، صحب معه خادمته ريحانة وخادمه عدنان وركب بغلته وتبعه على حمارين خادماه، وبينهما سار حمار له حاملاً كتبه. واتجه الجميع شمالاً على شاطئ نهر دجلة… إلى بغداد.
وهل تُضيء الشمس…. بضوء قنديل؟!
لم يطب المقام الأول لأبي علي في بغداد، حيث لاحقته عيون أمير البصرة، وحرَّض عليه المشتدِّدين من العلماء والمتعصبين. وكان الفرار الثاني … إلى أين؟.
في الشام استأجر أبو علي داراً وانكب على أعماله العلمية، حيث شغل نفسه بتلخيص ثلاثين كتاباً في الطب لجالينوس.
وكان أمير الشام – وهو صديقه – يأخذ منه أولاً بأول ما أتم تلخيصه، ويعهد به إلى النساخ في مكتبة قصره العامرة.
وقرر الأمير لأبي علي مائة دينار في كل شهر أجراً لهذا العمل الضخم. ولكن أبا على كان يكتفي بأربعة فقط عازفاً عما تبقى منها!.
وارتفع قدر أبي علي في نظر صديقه الأمير، فعرض عليه الوزارة، فاعتذر أبو علي وقال معاتباً: أيها الأمير: لمثل هذه الأمور فررت من البصرة ولم يخلقني الله لمثلها.
أتطلب من الشمس -صديقي الأمير – أن تضيء بضوء قنديل؟! الله خلقني شمساً فكيف تريد لي أن أصير قنديلاً؟! وعندئذ اعتذر الأمير لأبي علي قائلاً بإكبار: اغفرها لي يا أبا علي. فغفرها له.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]