نجاح العالم “باستير” في التغلب على مرض الكلب
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
العالم باستير مرض الكلب أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
السُّم … في حلق باستير!!
لعلها أعظم حادثة في مهنة الشفاء التي ظل باستير يزاولها طوال حياته، ألا وهي معركته الشهيرة الخالدة التي خاضها ضد مرض الكلب.
فقد كان يجري تجاربه منذ سنين خلت على تلقيح الأرانب السليمة بلعاب الكلاب المسعورة.
وكان يغيِّر من تجاربه أحيانا بأن يُعرِّض الأرانب مباشرة لعضات الكلاب المريضة بداء الكلب. وذات مرة أدخل أرنباً إلى قفص كلب مسعور ضخم من كلاب البولدوج، وكان الكلب هائجاً من الألم وقد تجمَّع الزبد حول فمه، ولكنه رفض بإصرار أن يعض الأرنب! ووجد باستير أنه من الضروري أن يمتص اللعاب بين فكي الكلب المسعور ثم يحقنه في الأرنب.
وربط الكلب ربطاً محكماً فوق المنضدة وانحنى باستير وفي فمه أنبوب زجاجي فوق فم الحيوان المسعور. ماذا ستفعل يا باستير؟
لا بد من امتصاص السم من فم الكلب! لا تفعل يا باستير، فلو مرقت قطرة غير مسؤولة إلى قناتك الهضمية لكانت المأساة. ولكن افعل! فهكذا أنتم دائما معشر العلماء، حياتكم أرخص من أن تحول بينكم وبين محاولاتكم تقدم العلم وإسعاد البشرية.
وشرع باستير يسحب السُّم الزعاف قطرة قطرة في الأنبوب بهدوء كما لو كان غير مدرك أنه يخطب بذلك للموت وداً!.
وتوالت شهور، وحانت الفرصة ليجرِّب باستير عقاره ويحقِّق أحلامه. وتمثَّلت الفرصة في صورة غلام، جوزيف مايستر، كان قد عقره كلب مسعور. وجاءت به والدته إلى باستير بناء على نصيحة الطبيب المحلي.
ها هي إذن الفرصة فعلاً. ولكن هل أنا متأكد حقاً من أن علاجي لهذا الغلام سينجح؟ أليس من الجائز أن يقضي العقار على الغلام بدلا من أن يحفظ عليه حياته؟ هل من حقي أن اقدم على مخاطرة تتعلق بحياة إنسان؟ … أسئلة حائرة راودت باستير وجعلته يقدم رجلاً ويؤخر أخرى.
وأقدم على المخاطرة. وطعَّم الغلام، وكانت الليلة السابقة على آخر عملية تطعيم ليلة من النوم الهادئ المريح للغلام المعقور، ولكنها كانت بالنسبة لباستير ليلة من الأرق والفزع والترقب. ونجحت المخاطرة، وتم لباستير قهر مرض الكلب؟
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]