علم الفلك

نظرة في المستقبل

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

نظرة في المستقبل

يمكننا أن ننظر في الماضي بقدر من الثقة، إذ يمكننا القول أن عمر الأرض يبلغ نحو 4,600 سنة وأن الشمس يعود تاريخها إلى 5,000 سنة تقريبا وأن الكون كما نعرفه بدأ منذ ما يقارب 13,700 مليون سنة مضت. ولكننا عندما نحاول أن ننظر إلى المستقبل، لا تظهر الصورة بنفس الوضوح. في الأغلب، ستُدمر الكرة الأرضية عندما تدخل الشمس في مرحلة العملاق الأحمر، وحتى لو نجا الكوكب فمن المؤكد أن الحياة الموجودة عليه ليس بإمكانها ذلك. إن حياة النجوم محدودة، وليست شمسنا استثناء لهذه القاعدة، فبعد فترة مجدها كعملاق أحمر ستضمحل لتصبح قزما أبيضا خافت ثم سينتهي بها المطاف كقزما أسودا باردا ميتا. ولكن ماذا عن الكون نفسه؟ هل سينتهي في يوم ما- وإذا كان الأمر كذلك، فكيف سيحدث؟ هناك عدة احتمالات، فدعنا ننظر في كل واحد منها على حدة لنرى أيها الأكثر قبولا.

(1) لطالما كان الكون في الوجود وسيظل موجودا إلى الأبد، فمع موت المجرات القديمة سيحل محلها أخرى جديدة، وهذا يعني أن المادة تُخلق باستمرار في صورة ذرات من الهيدروجين، وهذه بالطبع هي نظرية الحالة المستقرة التي أيدها السير فريد هويل ولكن كل الأدلة المرصودة تثبت عكسها وقد تخلى عنها الجميع.

(2) العالم المتذبذب، وهي النظرية التي أُطلق عليها باستهزاء ’العالم الكونسرتينا (الأكورديون)’. ستتبع مرحلة التمدد الحالية مرحلة من التقلص، فتبدأ المجرات في التجمع معا ثانية وبعد نحو 80,000 مليون سنة سيحدث انفجارا عظيما آخر. ومن المحتمل جدا أن الدورة ستكرر نفسها ثانية. هذا يعني أن هناك احتمال وقوع عدد لا يحصى من الانفجارات العظيمة في الماضي، وربما يكون هناك عدد لا يحصى منها في المستقبل، وفي هذه الحالة فلن يموت الكون أبدا. والمشكلة في هذه النظرية أنه من الصعب معرفة ما الذي يمكنه أن يعكس عملية تمدد الكون.

(3) سيتمدد الكون إلى الأبد، وستفقد مجموعات المجرات الاتصال ببعضها البعض، وستموت كل النجوم الموجودة فيها، وفي نهاية المطاف ستتفتت البروتونات وتترك فقط الإشعاع. ولن يحدث شيء بعد ذلك قط، إذ أن الوقت نفسه سينتهي. هذه صورة كئيبة للمستقبل، ولكن معظم علماء الكونيات الحديثين يقبلون بها، والواقع أن معدل تمدد الكون في تسارع مما يؤيد هذه النظرية.

(4) التمزق الكبير. سيظل معدل التمدد يتزايد حتى يصبح هائلا، وحينها ستتمزق المجرات وتليها بعد ذلك النجوم ثم الكواكب والجزيئات والذرات- وواقعيا، كل شيء. لن يبق شيئا سوى شظايا محطمة، بدون أي أمل في إعادة ولادة الكون من جديد.

تبدو كل هذه التوقعات غاية في التشاؤم، ولكن يجب علينا أن نتذكر أننا ما زلنا في الظلام، بالمعنيين الحرفي والمجازي، فيما يتعلق بالأساسيات الرئيسية. لو انتهى الوقت، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ الإجابة ’بلا شيء’ هي كعدم الإجابة تماما. والحقيقة المجردة هي أن مقدرتنا العقلية ليس باستطاعتها أن تستوعب مفهوم اللانهاية، سواء كانت في الفضاء أو في الوقت. وحتى نتمكن من استيعابها، يجب علينا الإقرار أولا بأننا في الواقع محدودون. وربما سنتغلب في يوم ما على حائط جهلنا هذا، ولكننا في الوقت الحالي ليس لنا سوى الانتظار. فربما لن تأتي أبدا لحظة التنوير، وربما قد وُلِد بالفعل نيوتن جديد أو آينشتاين جديد. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه على الرغم من كل ما عرفناه من العلم الحديث، هناك دائما إحساس داخلي بأنه يفوتنا أمر ما- وأن هذا ’الشيء’ يمكنه أن يُغيِّر كل ما نعرفه عن العالم. وهنا يكمن خطر الخوض في مجال الخيال العلمي، إذ أن التخمينات لا نهاية لها وربما تكون أيضا عقيمة. ولو استمرت الحياة على سطح الأرض لمدة 500,000 سنة إضافية مثلا فسنكون في وضع أفضل بكثير لإصدار حكم على ذلك.

انظر إلى الأعلى، انظر إلى الشمس والقمر، وإلى الكواكب والنجوم والمجرات- فالكون المنظور بأكمله موجود لنتفحصه، وهو أكثر إبداعا مما بوسعنا إدراكه، وهو دائم التغير، فدعونا نستمتع به.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى