الكيمياء

نظرية الاحتراق لـ”حسن الهمذاني”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

نظرية الاحتراق حسن الهمذاني الكيمياء

يبدأ الغربيون في حديثهم عن نظرية الاحتراق من بحث "جاي راي" الذي نشره عام 1630 بعنوان "مقالات في التحقق عن سبب تكلس المعادن" والذي أشار فيه إلى أن المعدن حينما يُسخَّن في الهواء يتحوَّل إلى مادةٍ رماديةٍ متكلِّسة تزن أكثر من وزنها قبل إجراء عملية التكلس . وأشار بحسمٍ إلى أن السبب في هذه الزيادة مصدره الهواء .

وفي عام 1660 أثبت بويل النتيجة التي توصَّل إليها راي، ولاحظ أن عملية الاحتراق لا تحتاج بالضرورة إلا إلى "جزءٍ من الهواء" إلاّ أنه لم يُبَيِّن العلاقة بين الهواء وزيادة وزن الفلزات المتكلِّسة .

وعاد بويل في عام 1673 ليقول إن الحرارة واللهب قد زادا في وزن الفلز ممهداً بذلك السبيل لنظرية الفلوجستون.

وفي عام 1702 ظهرت نظرية الفلوجستون، ومفادها أن الفلز إذا سُخِّن في الهواء فإنه يعطي كلساً وكمية من الفلوجستون، وبمجرد أن يخرج الفلوجستون يختفي فيه بالامتصاص .

 

ثم جاء لافوازييه في عام 1772 بنظريته عن الاحتراق عندما كشف الأكسيجين. أما الهمداني فقد جاء بنظرية في الاحتراق قبل علماء الغرب جميعاً بقرونٍ سبعة .

قال في كتابه الجوهرتين العقيقتين : " ويقبل الماء النار عن حاجز وتقبل النار الهواء وتقوى به لاتصالها ولا تبقى في موضع لا هواء فيه " .

وقد دلَّل لسانُ اليمن على معرفته لظاهرة الاحتراق بأمثلة ثلاثة في الجزء الثامن من كتابه الأشهر "الأكليل" ، منها معارضته خبراً مفاده أن رجلين دخلا مغارة وأمضيا فيها وقتاً طويلا وهما يحملان شمعة يستدلان بها على رؤية الطريق المتعرجة والعميقة. قال الهمداني: "..

هذا الحديث فيه زيادة ، لأنهما ذكرا المسالك في المغارة ثم دخولهما منها إلى هوة وأبيات، فقلَّ بهما النسيم فيعجز فيها التنفس ويموت فيها السراج .

 

ومن طباع النفس وطباع السراج أن يحييا ما اتصل بهما النسيم . فإذا انقطع في مثل تلك المغارات العميقة والخروق المستطيلة ، لا يثبت فيها روحٌ ولا سراج" .

وكأنه يعبر بقوله هذا عن تجربة الناقوس الشهيرة التي أجراها بويل واضعاً الشمعة والفأر تحته ، فمات الفأر عندما انطفأت الشمعة.

وقد برهن في "إكليله" بصورة قاطعة عن علاقة الهواء بالاحتراق أولاً والتنفس ثانيا قبل ظهور أي نظرية مماثلة في أوروبا بسبعمائة عام .

هذا وقد تشدَّد البعض، من مثل محمود الصغيري في مؤلَّفه "الهمداني : مصادره وآفاقه العلمية" في الاختصار عندما قال : "لم يكشف الإنسان طريقه إلى نظرية الاحتراق إلاّ بفضل الآراء والتجارب التي بدأت بالهمداني صاحب الإكليل وانتهت بلافوازييه".

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى