نهج تحليل الكلفة – العائد وأسباب رفضه
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
نهج تحليل الكلفة – العائد علوم الأرض والجيولوجيا
أن كل من الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغيير المناخ لعام 1992م، وبروتوكول كيوتو لعام 1997م لم يستندا إلى أساس تحليل الكلفة – العائد.
فهدف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغيير المناخ هو العمل على استقرار [مستويات] غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستويات تحول دون التدخل البشري في النظام المناخي".
فالكلف والعوائد لم تكن واضحة بما في الكفاية عند رسم هذا الهدف، بالرغم من نصيحة الأعضاء [في الاتفاقية الإطارية وبروتوكول كيوتو] اتباع السياسات التي تأخذ بعين الاعتبار عنصر الكلفة المنخفضة (أي السياسات الأقل كلفة).
فبروتوكول كيوتو وضع أهدافاً ملزمة للدول في المرفق رقم 1 لانبعاثات غازات الدفيئة للفترة ما بين 2008 و2012م.
إلا أنه لم يكن هناك أية محاولة بيان الاسباب الكامنة وراء تبني الهدف المعلن والقائم على تخفيض [انبعاثات الغازات] للدول في المرفق رقم 1 بمستوى متوسط يصل 5% تحت مستوى الانبعاثات لعام 1990م، أو توزيع تخفيض الانبعاثات بين الدول على أساس الكلفة – العائد.
على أية حال، وكما وضحنا في الفصل الأول، فإن البروتوكول قد نص على ثلاث آليات تداولية مرنة للانبعاثات، التي تسمى بآلية التنمية النظيفة، وكلها تُسهم في تحقيق الهدف المنشود بكلفة أقل.
إن عدم وجود مسوغ للكلفة – الفائدة قد يظهرها بمظهرٍ غريب. فللوهلة الأولى نجد أن تحليل الكلفة – العائد له العديد من المزايا الجذابة، وقد تبدو أنها مرشد مثالي عند وضع السياسات.
وقد أصبحت أحد النُهج القوية التي تستخدم على نطاق واسع في الأدوات الاقتصادية المعنية بتقييم الإنفاق العام والسياسة العامة.
وهي من المرتكزات الأساسية في النظرية الاقتصادية السائدة المعروفة بـ "اقتصاديات الرفاه" (Welfare Economics).
وتمتاز بكفاءة عالية، إذ بمقدورها تحديد الحجم الأمثل للمشروع وتوقيته، وذلك من خلال "سعر الظل (التسعير غير المعلن)" (Shadow Price) حيث يمكن الاخذ بعين الاعتبار أسعار السوق المشوهة، وتجدد الأسعار الضمنية للسلع البيئية، والخدمات التي لا يتم تداولها في الأسواق.
إن تحليل الكلفة – العائد يمكن توسيع مداه ليشمل اقتفاء أثر [إيجابياته] خارج التوزيعية، أو العواقب المترتبة على عدالة المشاريع والسياسات.
فتحليل الكلفة – العائد لها نُهجها للتعامل مع المخاطر المحتملة وحالة عدم اليقين.
فتحليل جديد مصيب للكلفة – العائد، بحيث يكون واضح في تفنيد الفرضيات، ويمكنه التعبير عن كل ذلك برقم حسابي واحد، و"صافي القيمة الحالية" (Net Present Value) لصناع القرار، أو إذا كان هنالك رغبة عند المعنيين فيمكنه أن يوفر مجموعة من القيم مع الاحتمالات المتعلقة بها.
وأخيراً، فإن تحليل الكلفة – العائد يمكنه أن يوفر إطاراً شاملاً للربط بين المناخ والطاقة البيئية، والنماذج الاقتصادية الضرورية عند استخدام نماذج التقييم المتكامل لتحقق من التغير المناخي.
أما وجهة النظر الثانية، على أية حال، فتتمحور حول أن هناك ميزات معينة لإشكالية ظاهرة الاحتباس الحراري، تميل إلى التشكيك في مدى ملائمة تحليل الكلفة – العائد لها.
وبإيجاز، هذ الميزات [تتعلق] بامتداد الفترة الزمنية بشكل استثنائي، وحالة عدم اليقين العلمي، وحالة عدم اليقين الاقتصادي (لا علاقة لها بطول الجدول الزمني الممتد لقرون عدة)، وحجم الأضرار التي قد تنشأ، والطابع العالمي لهذا التحدي والاستجابة له.
سوف نجادل بأن كل ذلك لا يقودنا بالضرورة لرفض نهج تحليل الكلفة – العائد بصورة كاملة باعتباره أداة لصياغة سياسة المناخ، ولكن من المهم أن نفهم حدود الرفض على وجه الإجمال [الرفض بالكامل].
وعليه، فسنقوم بتحليل المشكلة من ثلاث نواحي، الأولى وهي النابعة أساساً من الأفق الزمني بين الأجيال، والثانية تنشأ من البعد الدولي لظاهرة الاحتباس الحراري، والثالثة تتأتى من ظاهرة عدم اليقين السائدة. وبعد ذلك سننظر في مسائلة وجود بدائل لتحليل الكلفة – العائد.
مناقشة سعر الخصم سيصار إلى تأجيلها للفصل الثالث، ولكن من الملاحظ أيضاً، أنه يمكن القول أن هناك ضعفاً في تحليل الكلفة – العائد عند الاستعانة في مسائلة تغير المناخ.
ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من الجوانب المثيرة للجدل في مناقشة تحليل الكلفة – العائد في هذا الخصوص، والفصل الثالث سيركز على الإنصاف والعدالة ضمن الاجيال الحالية وبينها وبين الأجيال المستقبلية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]