البحوث والدراسات التي تم إجراؤها حول آراء “بياجيه” في تطور مفهوم الزمن عند الطفل
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
بياجيه تطور مفهوم الزمن عند الطفل العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
تتولد فكرة الزمن عند الإنسان من خبراته عن تتابع الاحداث والظواهر التي يكون بعضها دورياً وبعضها غير دوري ، بعضها متصل وبعضها مستقل ، بعضها متجدد وبعضها ثبات نسبياً، وهذه الخبرات ، قد تفسر لنا المعاني المختلفة التي نستخدم فيها كلمة الزمن (غنيم 1977: 269) .
ومنذ الجدل الفلسفي اليوناني القديم بين هيراقليطس وبيرمينيدس حول مفهوم الزمن ، والحوار لم ينقطع حول الزمن المطلق الذي ينساب من جراء نفسه دون اعتبار لأي شيء خارجي ، والزمن الذي لا يمكن إدراكه إلا من خلال ما يتكون أثناءه من أحداث وعلاقات منشئة نظاماً عاماً متتابعاً(Voyat, 1982, P. 103) إلى أن ظهر بياجيه بمعالجته لمفهوم الزمن من خلال ارتباطه الوثيق مع مفهومي السرعة والحركة ، وذلك لارتباط هذه المفاهيم ارتباطا منطقيا وسيكلوجيا وثيقا .
ويمكن القول أن أول ما يسترعي النظر في دراسة بياجيه لهذه المفاهيم الثلاثة وهي الزمن والحركة والسرعة ، أنها مكونات افتراضية ، ولكونها ليست أفكاراً قبلية في ذهن الطفل على نحو ما ذهب إليه بعض الفلاسفة والمفكرين قديما ، فإنها تتطلب تكويناً نمائياً تدريجياً وبطيئاً.
فهي تتكون معاً خطوة خطوة خلال تكوين العمليات العقلية المكونة لها ، كما أن هذه التراكيب النمائية تتميز كل مرحلة فيها بالتوافق الوثيق لهذه المفاهيم .
ويحدد كل من (غنيم، 1977: 392-411)، (Voyat, 1982, PP. 104-107) ثلاثة عمليات يتضمنها مفهوم الزمن ، أول هذه العمليات هي التتابع الذي يشير إلى ما يصل إليه الطفل من خلال رابطه بين حادثتين تقعان في سلسلة علية بسيطة مثل حركة الاجسام الساقطة وغالباً ما يستطيع الطفل التوصل إلى هذا التتابع في عمر الرابعة وإن كان مشوبا بكثير من الخلط بين التتابع الزمني والتتابع المكاني في هذال العمر.
العملية الثانية التي يتقدم الطفل للسيطرة عليها هي الديمومة وتتمثل في إحدى جوانب عملية الإغلاق ويقصد بذلك الاعتراف بأن حدثين يمكن المقارنة بينهما بناء على زمن بدايتهما وزمن بدايتهما وزمن نهايتهما او المدة او الفترة الزمنية التي يستغرقها كل حدث من الحدثين ، وكثيراً ما يقع الطفل في هذه المرحلة في أخطاء النهاية والبداية واختلاف السرعة واختلاف المسافة ، ولهذا فإن بياجيه يربط بين سيطرة الطفل على هذه العملية وقدرته على الربط الوثيق بني الفترة أو الديمومة وكل من الحركة والسرعة .
وتتمثل العملية الثالثة التي يحتاج الطفل لامتلاكها وصولاً إلى السيطرة على مفهوم الزمن في الحاجة إلى مقياس للوقت يستطيع من خلاله أن يحدد المدة والترتيب بين الأحداث والأعمار بين مجموعة من الأفراد وهذا ما لا يتوصل إليه غالبية الأطفال قبل السابعة .
وفي هذا الصدد يقول بياجيه عن المراحل الثلاث "في البداية ، تسيطر النقطة التي ينتهي عندها الحدث على ما يصدره الطفل من أحكام عن السؤال الخاص بالزمن". (Piaget, 1970, P. 181) .
عن المرحلة الثانية يقول ، "باختصار ، يبدأ الطفل يف أخذ عوامل أخرى في اعتباره، مثل نقطة البداية ، كما يبدأ الطفل في الخروج من مركزيته تدريجياً ، وبدلاً من التركيز على نقطة النهاية وحدها (P. 190)
وأخيراً يقول عن المرحلة الثالثة ، حوالي عمر السابعة أو الثامنة يلاحظ وجود ثلاث بنى مترابطة : الترتيب الزمني للأحداث منفصلا عن تتابعها المكان ، المسافة المقطوعة تفهم أن يتم تخيلها على أنها المسافة المقطوعة بين نقطة البداية ونقطة النهاية ، كما تحدد السرعة في ضوء المسافة المقطوعة في زمن متساو وذلك في حالة الحركة المتزامنة" (PP. 190-191).
وقد أثارت وجهات نظر بياجيه حول تطور مفهوم الزمن عند الطفل الكثير من الجدل والكثير من بحوث ودراسات إعادة التطبيق مثلها في ذلك مثل وجهات نظره عن العدد والاحتفاظ وغيرها ، ومما يلفت الننظر في هذه البحوث نعرض ما يلي :
– قدم (Nelson, 1978) بيانات عن كيف ينظم طفل ما قبل المدرسة معلوماته عن تتابع الأحداث العادية مثل " تناول الطعام في البيت ، في الروضة ، في المطعم" وقد وجد نيلسون درجة مدهشة من العمومية لدى أطفال ارابعة والخامسة في كيفية وصفهم لتلك الأحداث.
كما أكد (Bower, Black & Turner, 1979) على وجود قدر كبير من التشابه الكيفي بين أوصاف صغار الاطفال وأوصاف البالغين لمثل هذه المواقف والأحداث.
ويضيف (Nelson, 1978, P. 14) إنه عندما سال أطفال الثالثة لترتيب صور تعبر عن نشاط أو أحداث يوم مدرسي فلقد رفضل هؤلاء الاطفال وضع الصور في أمكن خائطة ، كما لاحظوا غياب بعض الصور " والتي حذفه الباحث عن عمد" التي تعبر عن أ؛داث مركزية، ورتبوا الصور ترتيباً زمنيا صحيحاً.
– تحدث كل من (Brown, 1976; Johnson & Gandel Glenn & Stein, 1980; mandler & Johnson, 1977) عن قدرة الأطفال على إعادة القصص " وما تتضمنه من ترتيب زمني بطبيعة الحال " مشيرين إلى أن ذلك يرتبط بالمعنى الذي تحمله ال قصة ومدى وضوح أحداثها وإن مثل هذه القدرة تتطور قبل الصف الأول الابتدائي ومنذ عمر الرابعة.
وأنهم وجدوا أشياء مشتركة كثيرة بين الصغار والكبار في عملية الاستدعاء والترتيب الزمني مؤكدين على وجود دلائل على أن هذ التشابه يمتد إلى ما اسفرت عنه الدراسات عبر الحضارية . (Mander, 1983, PP. 104-106)
– كما استهدف دراسة (O’coneil, 1985) الكشف عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه طفل ما قبل العمليات ، عندما يعلم أن هناك أحداثاً تقع متلازمة مع بعضها البعض ، وعندما يعلم كيف تقع هذه الأحداث ، على اعتبار أن معرفته بكيفية وقوع هذه الاحداث (ارتباط السبب- النتيجة) تمثل نظماً مستقلة في النمو المعرفي .
وقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن الأطفال في حدود عمر ثلاث سنوات يمكنهم استخدام بعض المبادئ ولو بشكل مؤقت للتنظيم المعرفي ، كما أشارت ايضاً إلى وجود ىفاق نمائية مبكرة كاصل لقدرات الأطفال على وضع الاشياء في ترتيب زمني معين .
وقد تبدو نتائج هذه الدراسة مخالفة لما ذهب إليه بياجيه خصوصاً فيما يتعلق بالتحديد العمري لمرحلة ما قبل العمليات ، إلا انه تؤكد في نفس الوقت مفهوم عدم الثبات الذي أشار إليها مراراً في هذه المرحلة .
– أجرى (Bullock & Gelman, 1979) دراسة حول افتراضات طفل الروضة حول السبب – النتيجة وعلاقتها بقدرة الطفل على ترتيب الأحداث ترتيباً زمنياً ، ويناقش الإطار النظري لهذه الدراسة ما يوصف به الأطفال في عمر الروضة ، من أنه تنقصهم القدرة على افتراض أن الأسباب تسبق فقط أو تقع متزامنة مع النتائج.
ومن خلال عرض تتابع بسيط لأحداث بسيطة ميكانيكية فيها يسبق سبب واحد محتمل وقوع النتيجة ، وسبب واحد محتمل يعقب النتيجة على عينة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين الثالثة والخامسة ويبلغ عددهم 48 طفلاً ، التقط الأطفال السبب الأول ، الأسبق حدوثاً ، على أنه الحدث المسبب للنتيجة .
كما أوضحت محاولات تجريبية أخرى ضمن ذات الدراسة أن الترتيب الزمني أكثر سيادة من السبب في تفسير الطفل لكيفية وقوع النتيجة .
كما ان المقارنة بين اللاستجابات اللفظية وغير اللفظية أوضحت أن أطفال الثالثة تصرفوا كما لو أنهم استخدموا افتراضات حول ترتيب ذي اتجاه واحد في تقديم تفسيراتهم للعلاقة السببية.
أما الأطفال الأكبر عمراً فقد أظهروا بعض القدرة على التعبير عما لديهم من أفكار حول تلك العلاقة السببية وفي مناقشة (Bullcok & Gelman, 1979, P. 95) للنتائج يشيران إلى أن الطفل عندما يصدر حكمه على تتابع حادثتين بهذا الشكل لا بد وأن يكون قد استخدم مؤشرات عديدة ، ونتائج هذه الدراسة تشير إلى أن أطفال ما قبل المدرسة يستطيعون وقد اعتمدوا بالفعل على الترتيب الزمني كأحد هذه المؤشرات .
وبنيما تقدم اختيارات هؤلاء الاطفال دليلاً واضحاً على افتراض ان الترتيب الزمني هو مؤشر سببي مهم فإن شروحهم قد تلكأت أو تباطأت خلف سلوكهم غير اللفظي ، ويؤكد الباحثان على أن صغار الاطفال يجدون صعوبة في التعبير عما يعتقدون.
وأنه عند إزاحة المطالب اللفظية مثلما فعل (Kun, 1975) ومثلما حدث في البحث الحالي فإننا نجد بوضوح أن الأطفال قد تصرفوا كما لو كانوا يعتقدون أن الأسباب تحدث أولاً ثم تحدث النتائج وفق ترتيب زمني ثابت .
– أجرى (Siegler & Rihards, 1979) دراسة حول تطور مفاهيم الزمن ، السرعة ، والمسافة وتمثل الإطار النظري لهذه الدراسة في وجهة نظر بياجيه حول هذه المفاهيم وما يمكن طرحه من أسئلة حولها مثل : هل يخلط طفل الخامسة فعلاً بين الزمن والمسافة الكلية كما يقول بياجيه نفسه (Piaget, 1969, P. 111) رغم ما ذكره في موقع آخر من أن الطفل يخلط الزمن مع نقطة النهاية كما أسلفنا (Piaget, 1970, 181)
سؤال آخر يدور حول الادعاء بأن المفاهيم الثلاثة يتم السيطرة عليها تزامنياً ، سؤال ثالث يدور حول المهام التي استخدمت لتقدير فهم الأطفال للمفاهيم الثلاثة وأنها لم تكن مهاماً قابلة للمقارنة فيما بينها ، حيث كان بينها فروق ضخمة في نوعية المواد المستعملة ، والأسئلة المطروحة وترتيب الإجراءات.
وأخيراً فإن ما عده بياجيه فترة وسيطة تعبر عن مفهوم غامض لا يمثل أكثر من اسكتش أو رسم هيكلي لعمليات التغير التي تبزغ خلالها .
تكونت العينة من 36 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 86 شهرا إلى 141 شهراً من رياض الاطفال ، الابتدائي ، المتوسط مقسمين إلى ثلاث مجموعات وجميعهم من الطبقة الوسطى ، الشريحة العليا ، واعتمدت التجربة على قطارين يمكن التحكم في حركتهما وسرعتهما ومسافتهما ، وكذلك نقطة البداية ونقطة النهاية بالنسبة لكل منهما.
وقد أسفرت مناقشة نتائج هذه الدراسة عن اتفاق مع ملاحظات بياجيه (1969، 1970) ، حيث اتضح أن الأطفال اعتمدوا وبشدة على استخدام القاعدة الأولى في كل من الزمن والسرعة والمسافة وحيث تعادلت جميعها لدى أطفال الروضة في صلتها بنقطة النهاية التي توقفت عندها القطارات ، كما كشفت النتائج أيضاً عن أن الأطفال الأكبر توصلوا إلى كل من المفاهيم الثلاثة.
حيث تم اكتساب كل مفهوم مستقلاً عن المفهومين الآخرين ، النقطة الوحيدة التي مثلت عدم الاتفاق مع بياجيه كانت بخصوص العمر الذي يصل فيه الطفل إلى المرحلة الثالثة من مراحل اكتساب الزمن.
وحيث كشفت نتائج هذه الدراسة عن أن مفهوم الزمن وإلى حد ما مفهوم المسافة يمكن السيطرة عليهما في عمر لاحق وربما بكثير عما قرره بياجيه وهذا ما اتفق حوله أيضاً (Seigler & Richards, 1979, P. 296) (Weinreb & Brainerd, 1975).
– امتداد للدراسة السابقة بمعرفة سيجلر وريتشارز ، قام (Acredolo & Schmid, 1981) بدراسة حول العلاقة بين السرعة والمسافة واستمرارية (ديمومة) الحركة ، حيث طلبا من 102 طفل في الصفوف الأول ، الثالث ، الخامس ، السابع أن يحكموا على سرعة ومسافة وزمن حركة قطارين على قضيبين متوازيين فين فس الاتجاه .
وفي 16 موقفاً مختلفاً من حيث نقاط البداية ، النهاية أو السرعة أو المسافة ، مع اختلافات عديدة في كل موقف . ويوضح الإطار النظري للدراسة ، أنها قائمة للفصل فيما اختلفت فيه نتائج سيجلر وريتشاردز ، أو تؤكد ما انتهى إليه أيهما .
ولقد كشفت نتائج هذه الدراسة عن تدعيم لوجهة نظر سيجلر وريتشاردز من أن المفاهيم الثلاثة تتضح في أعمار مختلفة ، حيث يسبق مفهوم السرعة مفهوم المسافة الذي يسبق مفهوم الزمن ، ورغم أن هذه النتائج تتعارض مع نتائج بياجيه ولو جزئياً.
إلا أن ما أسفرت عنه نفس النتائج بخصوص المرحلة الثانية من مراحل نمو وتطور مفاهيم السرعة والمسافة والزمن يدعم وصف بياجيه لهذه المرحلة الانتقالية ، فإذا أخذنا في اعتبارنا أن سيجلر وريتشاردز أيضاً وصفوا المرحلة الثانية الإنتقالية بتردد الطفل فيما يصدره من أحكام حول المفاهيم الثلاثة ، لأصبح من الممكن القول بان المرحلة الثانية هذه هي مرحلة غير مستقرة بالنسبة للمفاهيم الثلاثة .
– أجرى (Levin, Gilat & Zelinker, 1980) دراسة حول " دور المؤشرات البارزة في نمو مفهوم الزمن من خلال مقارنة صغار الأطفال للفترات الزمنية " انطلق البحث من مناقشة ما سبق ادعاؤه بأن تطور مفهوم الزمن لدى صغار الأطفال.
يمر في مرحلة ، يعتمد فيها الأطفال في إصدار أحكامهم في مشكلات الزمن على نقطة النهاية أكثر من أن يكون معتمداً على العلاقة بين نقطة البداية ونقطة النهاية معاً .
هذا النقص المفاهيمي ، كيف يمكن تفسيره وأخذه في الاعتبار عند النظر في تحقيق الأطفال نجاحاً أكبر في المقارنة بين الفترة الزمنية التي تختلف في نهايتها عن الفترة الزمنية التي تختلف في بدايتها .
والدراسةالحالية تحاول أن تخضع للتحليل إمكانية أن تكون هذه الظاهرة قابلة للتفسير أساساً بما يبرز خلالها من مدركات أكثر من تفسيره بالنقص أو العجز المفاهيمي .
تكونت العينة من 360 طفلاً ، نصفهم بنين والنصف الآخر بنات، من دور الحضانة ورياض الأطفال والصف الأول الابتدائي وجميعهم من الطبقة الوسطى الشريحة الوسطى ، وطلب من كل طفل أن يقارن فترة اشتعال ضوءين ، يبدأ إشتعالهما وينتهي إشتعالهما في وقت واحد ، ثم مع البداية المتزامنة والنهاية غير المتزامنة ثم العكس .
وتم خلال تقديم المشكلة للطفل إبراز نقطة البداية أو نقطة النهاية أو كلاهما معا . ولقد كشفت نتائج هذها لدراسة أن المقارنات الصحيحة التي نجح أطفال العينة فيها كانت وظيفة للعلاقة بين بروز نقطة البداية في مقابل نقطة النهاية .
هذه النتائج تدعم القول بأهمية واثر الانتباه أكثر مما تؤيد وجود العجز المفاهيمي الذي أشار به بياجيه فيما يتعلق بقدرة الاطفال على إصدار أحكامهم حول الفترة الزمنية ومداها .
– إحدى الدراسات العبر حضارية الحديثة نسبياً ، قام بها (Bentley, 1987) بعنوان " فهم أطفال سوازيلاند لمفاهيم الزمن .
دراسة بياجيه" مستندا في دراسته على ما لاحظه بياجيه (1969) من أن الأطفال في البداية يميلون إلى الخلط بين الفترة الزمنية وكمية العمل المبذول لاداء عمل معين ، فالسيارة التي تنطلق أسرع وتصل قبل الأخرى هي التي أخذت فترة زمنية أطول أو استمرت في السير مدة أكبر ، ومستنداً ايضاً على ما عرضه بياجيه (1969) في تطور ونمو مفاهيم الزمن عبر المراحل الثلاثة.
كما استعرض البحث في مقدمته وجهات النظر الخلافية بين بياجيه وكل من (Friedman, 1982; Richards, 1982; Lewis & mufford, 1974; Dempsey 1971; Bovet, 1974 Acredol, Adams & Schmid, 1984; Levin, 1982) لكل من مفاهيم الزمن والسرعة والمسافة واستراتيجية التبرير المنطقي لمراحل اكتساب كل منها .
ومن بين أهم أشار إليه البحث في إطار النظري ما كشف عنه من أخطاء لدى عينة من المراهقين في ساحل العاج عند حكمهم على الفترة الزمنية لحدثين متزامنين (Bovet & Othenin – Girard, 1975) كما لاحظ أيضاً أن الأداء على مهام تتعلق بمفهوم الزمن.
قد تحسنت لدى الافراد الذين يتعرضون لتأثير المدارس الرسمية والإتصال بخط الحياة الغربية من المراهقين والبالغين من الرجال، حيث جاءت إجاباتهم اكثر عملياتية من النساء البالغات ، كما أن الأداء الكلي لجميع أفراد العينة جاء اقل من معدلات جنيف.
وقد ارجع بوفيه هذه النتائج لانخفاض معدل تكرار مثل هذه النشاطات المرتبطة بمفاهيم الزمن في الحياة اليومية لافراد العينة (Dasen & Herson, 1981, P. 329) وايد هذا المعنى (Dasen, 1975; Berry, 1975) بالقول بأن بروز نشاط ما في ثقافة معينة يؤثر على نمو العمليات أو المهارات العقلية المرتبطة بها .
تكونت العينة من 129 طفلاً تتراوح أعمارهم بين السابعة والخامسة عشرة ، ملتحقين بالصفوف الدراسية من الثاني حتى السابع ، نصفهم بنون والنصف الآخر بنات ، في منطقة سوازيلاند بجنوب أفريقيا ، وطبقت علهيم ثلاث مهام احتفاظ بالزمن مشابهة لتلك المهام التي استخدمهاLovell و Salter في إعادتهم لتجارب بياجيه ، ويتضمن البحث وصفا لأدوات وإجراءات كل من هذه المهام ، وكذلك تلخيص لأهم نتائجها .
في مناقشة نتائج هذه الدراسة ، يتعرض الباحث لثلاث قضايا هي : (Bentely, 1987, PP. 451-453) .
أ- الاكتساب المتفاوت للعمليات المعرفية التي يفترض نظرياً (طبقاً لبياجيه) أن يحدث لها نمو متزامن .
ب- مواجهة الأطفال لصعوبات محددة في اكتسابهم مفهوم الزمن وعدم سيطرتهم على هذا المفهوم إلا متأخراً عن المفاهيم المرتبطة (السرعة ، المسافة) .
جــ- تناقض نتائج الدراسات عبر الحضارية فيما يتعلق باكتساب أطفال الثقافات غير التكنولوجية لمفهوم الزمن . وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن اطفال العينة كانوا قادرين على الاستجابات العملياتية لبعض المهام قبل الأخرى التي تتطلب نفس المقدمات المنطقية ، وهذا ما لا يتفق مع ما قدره بياجيه حول خصائص المرحلة وحول الكليات البنوية في كل مرحلة من مراحل النمو (Dasen & Heron, 1981) ويفسر (Pascual-Leone 1970-1980) هذه المشكلة بأن عمليات الاحتفاظ يمكن أن تحلل في ضوء متطلباها من استراتيجيات معالجة المعلومات.
وأن ما يستخدمه الطفل من هذه الاستراتيجيات بنجاح في حل إحدى مشكلات الاحتفاظ يتزايد خطياً مع زيادة العمر وطبقاً لبروز علاقات إدراكية واضحة في المادة المقدمة في كل مشكلة .
كما تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الاحتفاظ بالزمن قد اكتسبه الأطفال متأخراً عن الاحتفاظ بمفاهيم أخرى تتطلب نفس العلاقات المنطقية .
وأن الاطفال في مهام ترتيب الأحداث ، كانوا قادرين على غكمال التسلسل بنجاح قبل أن يكونوا قادرين على الإجابة عن أسئلة الفترات الزمنية بالنسبة لنفس الأحداث وهذ النتيجة لا تدعم وجهة نظر بياجيه القائلة بأن السلسل والتساوي في الاستمرار المتزامن متوازيان وبينهما قابلية متبادلة للتغيير في التتابع لنمائي الذي يؤدي إلى تكوين مفاهيم الزمن . وقد سبق أن قال بمثل هذه الملاحظة (Lovell & Slater, 1960).
أما فيما يتعلق بتناقض نتائج هذه الدراسات عبر الحضارية باكتساب أطفال ثقافات غير تكنولوجية لمفاهيم الزمن ، فإن المقارنة بين البيانات التي تم الحصول عليها من هذه الدراسة عن أطفال سوازيلاند وتلك التي حصل عليها (Dempsey, 1971) مثلاً من أطفال أمريكيين تشير إلى تشابه في اتجاه النمو ، وإلى أن الصعوبات المرتبطة بمفاهيم الزمن يواجهها الاطفال في مختلف الثقافات مما يدفع إلى الاعتقاد بأن طبيعة هذه الصعوبات قد تكون عامة أكثر منها مرتبطة بثقافة معينة .
– أجرى (Brown & Murphy, 1975) دراسة حول قدرة أطفال ما قبل المدرسة على إعادة تتابع منطقي أو عشوائي ، استهدفت الدراسة اختبار قدرة أطفال ما قبل المدرسة على بناء وإعادة بناء تتابع يتصف بالمنطقية في بعض المرات وبالعشوائية في مرات أخرى وبالعشوائية في مرات أخرى .
تكونت العينة من 42 طفلاً من أطفال ما قبل المدرسة تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات وشهر حتى اربع سنوات وثمانية شهور ، وبنى التصميم التجريبي على اساس اربعة من التجارب ، في التجربة الأولى كان المطلوب من الطفل أن ينسخ في وجود أو عدم وجود نموذج ، ما يعرض عليه من بيانات موضوعة على حبل غسيل معلق أمامه .
أما في التجارب الثانية والثالثة والرابعة فكان المطلوب من الطفل أن يعيد بناء سلسلة من الصور من الذاكرة . في جميع التجارب كانت الصور تقدم مرتبة ترتيباً منطقياً أو تقدم بطريقة عشوائية .
ولقد اوضحت نتائج التجارب الأربعة أن إعادة بناء سلسلة من الأحداث تقع في نطاق قدرة الأطفال في عمر الرابعة وذلك إذا توفر لها شرطان : أن تتم عملية إعادة البناء في وجود النموذج أو تقع بعد رفعه مباشرة.
وأن يقدم الترتيب الأصلي متزامناً في نفس الوقت الذي يعمل فهي الطفل ، كما كشفت النتائج أيضاً أن أداء الاطفال يتراجع كلما زادت الفترة الفاصلة بين رؤية النموذج وإعادة البناء ، أو أنه لم يكن هناك تزامن بين تقديم الترتيب الأصلي وإعادة البناء .
ويشير الباحثان في مناقشتهما للنتائج إلى أن إعادة القصص القصيرة بما يتطلبه من ترتيب زمني للأحداث أو إعادة ترتيب مجموعة محددة من الصور وفق الترتيب الزمني لوقوعها لا يتطلب عكس الفكرة (كما يدعي بياجيه) ، كما أن نجاح الأطفال في مثل هذه المهام لا يعني أن العمليات العكسية تقع في نطاق قدرة أطفال الرابعة .
وأنه لبناء اختبارات تقيس قدرة الأطفال في هذه المهام فلا بد وأن تكون على درجة من الحساسية تقابل الفروق بين المهام بعضها البعض .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]